قال: [والمرأة كالرجل إلا أن إحرامها في وجهها ولها لبس المخيط].
المرأة كالرجل تماماً، لكن إحرامها في وجهها، ولها لبس المخيط.
[وذلك لأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم المحرم باجتناب شيء يدخل فيه الرجال والنساء].
هذه قاعدة فقهية: أن ما ينطبق على الرجال ينطبق على النساء، إلا ما خص النساء بدليل، يعني: حينما يقول: الختان واجب للذكور، إذاً: هو واجب للنساء، إذا أردتم أن تخصصوه يلزمكم دليل، ما ينطبق على الرجال ينطبق على النساء، وفي كل الأحكام الشرعية هم سواء إلا ما خص النساء بدليل، مثل الميراث: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:11]، إذاً: خصها بدليل أن لها نصف الرجل، كذلك الشهادة: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة:282]، إذاً: الشاهدة خصها بدليل، أيضاً العقيقة عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة، خصها بدليل، أما كل الأحكام الشرعية فهما فيها سواء إلا ما خصها دليل، إذاً: الذي يقول: إن ختان الأنثى ليس بواجب يلزمنا نحن الدليل أم يلزمه هو؟ يلزمه هو.
قال: [فما ثبت في حق الرجل فمثله في حق المرأة، لكن استثنى منه لبس المخيط؛ والتظليل مبالغة في ستر المرأة لأنها عورة].
يعني: أن تستر نفسها وتحرم في ملابسها، ولا يحرم في الأبيض إلا الرجل، والمرأة لابد أن تخالف، وأفضل ملابس للمرأة السوداء، طبعاً كل النساء المصريات يلبسن أبيض في أبيض، الحذاء أبيض والجلابية بيضاء، والرجل يحرم في أبيض!! هذا لا يجوز، لابد أن تخالف المرأة الرجال.
[إلا الوجه فتجردها يفضي إلى انكشافها فأبيح لها هذا، ولهذا أبحنا للمحرم عقد الإزار لئلا يسقط فتنكشف العورة، ولم يبح له عقد الرداء].
الإزار في المنطقة السفلى، قوله: (أبحنا للمحرم أن يعقده)، يعني: أن يربطه إما بحزام أو بدبوس أو نحوه، أما الرداء فلا يجوز له أن يعقده كأنه قميص ولو فعل فقد ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام؛ لأنه مفصل على الجسم كأنه مخيط، ونحن نريد أن نجرده، وهو يريد أن يلبس رداء ويخيطه على نفسه، فصله بأزرار بكباسين وأغلقها، وبعضهم يضع له جيوباً، فأصبح مخيطاً، يعني: يمكن الآن أن يلبس بنطلوناً ويمشي بالرداء في القاهرة، لكننا لا نريد هذا للمحرم.
[ولم يبح عقد الرداء، وهذا مما لا نعلم فيه خلافاً].
يعني: لم يختلف أحد من العلماء أنه لا يجوز عقد الرداء.
[قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة ممنوعة مما منع عنه الرجال إلا بعض اللباس، وأجمع أهل العلم على أن للمحرمة لبس القميص والدرع والسراويلات والخمر والخفاف -يعني: لها أن تلبس كل شيء- وفي حديث ابن عمر: (نهى النساء -صلى الله عليه وسلم- في إحرامهن عن لبس القفازين والنقاب)]، وتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب من معصفر أو خز أو حلي أو سراويل، فلا تلبس ملابس مزركشة تلفت النظر؛ لأن من شروط ملابس المرأة: ألا يكون لباس زينة، يعني: لا تحرم في لون فسفوري أو برتقالي أو بنفسجي أو أحمر، هذه ملابس لا تصلح أن تحرم فيها، لابد أن تحرم في ملابس لا تخالف بها الجميع، ولا تنفرد بها عن بني جنسها، وهذا يسمى لباس الشهرة، وقد نهينا بعض الإخوة عن لباس الشهرة، تجد مثلاً في حي الزيتون الناس كلهم يلبسون الجلابية الوردية أو المائية أو الأصيل، وهو يلبس بنغلادش، ويصير معروفاً بزيه البنغلاديشي.
لا يجوز أن يشتهر بين الناس بلباس شهرة، وهذا ليس كلامنا وإنما هو كلام العلماء، حتى قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لو أن المجتمع يستنكر تربية الشعر ولا يألفها، فترك الأمور المستحبة لأجل عدم الشهرة يجوز، يعني: رغم أن تربية الشعر مستحبة، إلا أنها في المجتمع شيء غير معروف، إذاً: نترك المستحب لئلا نشتهر به.
وهذا الكلام في الممتع شرح زاد المستقنع إن أردت أن تعود إليه -يعني: ممكن أن تكون أنت الوحيد في مجتمعك الذي تفعل هذا الفعل المستحب فتعرف به، يقول القائل: وكيف ننشر السنة؟ لابد أن نمهد لها، لا تخالف بني جنسك حتى يشار إليك بالبنان، بل كن مثل بني جنسك ولا تتميز.
ثبت في صحيح البخاري: (كان الرجل يدخل على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يجلس في وسطهم، فينظر إليهم فيقول: أيكم محمد) لم يتميز عليهم بلباس ولا بجلسة، كان كواحد منهم لا يلبس زياً يميز به حتى يقال أنه رجل دين، ليس عندنا في الإسلام هذا، نحن في الإسلام طالما أن بني جنسك لا يرتكبون حراماً، فكن معهم، ولا تفهم كلامي خطأ، فأنا لا أقترب من دائرة الواجب ولا المحرم، كلامي في المستحب، قد يقول قائل: طالما أن بني جنسي كلهم يسبلون الإزار فأنا أيضاً أسبل من أجل ألا أخالفهم؟! فأقول: الإسبال حرام، خالف وخالف، وانتبه ألا تخالف في الحرام، إن كان الأمر واجباً فافعله ولا تنظر إلى المجتمع، إن كان محرماً فكف عنه، ل