قال: [المحظور التاسع: الوطء في الفرج].
يعني: الجماع، هنا نفرق بين أمرين، جامع قبل التحلل الأكبر، أم قبل التحلل الأصغر؛ لأن الحج فيه تحللان، التحلل الأول: وهو بعد رمي الجمرات، ثم يذبح ويحلق، يفعل في يوم النحر ثلاثة أمور، أولاً: يرمي الجمرة، ثم يذبح، ثم يحلق، وقد يؤخر طواف الإفاضة إلى أيام التشريق، هذا يسمى التحلل الأصغر، فإن جامع بعد التحلل الأصغر فله حكم، وإن جامع قبله فله حكم، وإن جامع بعد التحلل الأكبر حكم.
قال: [فإن كان قبل التحلل الأول فسد الحج، ووجب المضي في فاسده والحج من قابل].
يعني: إن جامع قبل أن يرمي جمرة العقبة وقبل أن يذبح وقبل أن يحلق فهو لم يتحلل التحلل الأول الأصغر، وإن جامع قبل هذا فسد حجه، يعني: بعد أن جاء من المزدلفة وقبل أن يرمي الجمرة، بعد أن وقف بعرفة وأدى النسك وفعل مناسك الحج، قبل أن يرمي الجمرة في يوم النحر جامع فحجه فاسد، ولكن يجب عليه أن يمضي في حجه حتى يتمه، ثم يلزمه وجوباً القضاء من العام القادم؛ لأن الحج فسد.
هل هناك فرق بين الحج الفاسد والحج الباطل؟ نعم، هناك فرق، مصطلح الفاسد هو الباطل عند الجمهور إلا في الحج والزواج، والذين فرقوا بين الفاسد والباطل هم الأحناف، لكن الجمهور لم يفرقوا، والفاسد عندهم هو الباطل، أقول: الصلاة باطلة، أو الصلاة فاسدة كلاهما صحيح، إلا في الحج والزواج، فما الفرق؟ الباطل في الحج: ما غاب أحد أركانه، إن لم يقف بعرفة فحجه باطل؛ لأنه تخلف عنه ركن، إن لم يطف طواف الإفاضة فحجه باطل؛ لأنه تغيب عنه ركن من أركانه، إنما يفسد الحج إذا فعل الأركان كلها لكنه جامع قبل التحلل الأول، هنا نقول: حجه فاسد، رجل تزوج من أخته من الرضاعة مع استيفاء شروط النكاح من الولي والإشهار والشهود والصداق كل شروط النكاح وأركانه تمت إلا أن التي عقد عليها هي أخته من الرضاعة، هل هذا فاسد أم باطل؟ فاسد، إن غاب الولي فالزواج باطل، فهناك فرق بين الفساد والبطلان في الحج والزواج فقط، أما ما دون الحج والزواج فالفساد هو البطلان.
قال: [أما فساد الحج في الجماع في الفرج فليس فيه خلاف].
ليس هناك خلاف بين العلماء أن الحج يفسد إذا جامع في الفرج.
[قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام إلا الجماع، والأصل في ذلك ما روي عن ابن عمر أن رجلاً سأله فقال: إني وقعت على امرأتي ونحن محرمان، فقال: أفسدت حجك، انطلق أنت وامرأتك مع الناس، فاقض ما يقضون، وحل إذا حلوا، فإذا كان العام المقبل فحج أنت وامرأتك، واهديا هدياً، فإن لم تجدا هدياً فصوما ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتما].
يعني: ترتب على الجماع أربعة أشياء، أولاً: فساد الحج، ثانياً: المضي في النسك، ثالثاً: وجوب الحج من العام القابل، رابعاً: الفدية.
لأنه لا ينبغي له إن بدأ في مناسك الحج أن يقطعها حتى وإن أفسدها؛ لأن الله قال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196]، معناه: أتموا الحج إذا بدأتم في مناسكه ولا تقطعوه حتى ولو فسد.
قال: [ويجب على المجامع بدنة، روي ذلك عن ابن عباس لأنه جماع صادف إحراماً تاماً فوجبت به البدنة، كبعد الوقوف هذا إذا وطئ قبل التحلل الأول؛ لأنه يكون قد وطئ في إحرام تام، وإن كان بعد التحلل الأول ففيه شاة].
يعني: رجل جامع زوجته بعد أن رمى الجمرة وذبح وحلق، وتحلَل تحلُلاً أصغر، يجوز له كل شيء إلا النساء، الطيب والمخيط وكل المحظورات إلا النساء، لكن إن جامع بعد التحلل الأول فعليه شاة، وحجه صحيح؛ لأنه تحلل التحلل الأول.
قال: [ويحرم من التنعيم ليطوف محرماً].
بمعنى: أنه بعد أن تحلل تحللاً أصغر ووقع على زوجته فنلزمه بشاة، ونلزمه أن يذهب إلى التنعيم ليحرم وليطوف محرماً، لو قال قائل: كيف يطوف محرماً وهو قد تحلل؟ قلنا: أبطل التحلل بالجماع، فيخرج إلى التنعيم ويحرم مرة ثانية وعليه شاة، إذاً: السؤال الآن: الذي جامع بعد التحلل الأول ما الواجب عليه؟ أولاً: شاة، ثانياً: أن يحرم من التنعيم ليطوف محرماً.
قال: [ولا يفسد حجه وهو قول ابن عباس؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً؛ فقد تم حجه وقضى تفثه) -يعني: نسكه- ولأن الحج عبادة لها تحللان، فوجود المفسد بعد تحللها الأول لا يفسدها، كما بعد التسليمة الأولى في الصلاة].
يعني: رجل سلم تسليمة واحدة من صلاة، ثم أحدث ما حكم الصلاة؟ صحيحة، هكذا الحج، تحلل التحلل الأول، كأنه سلم التسليمة الأولى، انتهى الحج، لكن بقي عليه طواف الإفاضة، وجامع قبله فنلزمه بشاة وحجه صحيح، لكن يحرم من التنعيم ليطوف محرماً؛ لأنه جامع قبل التحلل الأكبر.
والتفث هو النسك: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج:29]، وتفثهم يعني: نسكهم.
قال: [ولأن الحج عبادة لها تحللان، والواجب شاة لأنه وطء لم يفس