قال المؤلف رحمه الله تعالى: [تغطية الرأس والأذنان منه].
أي: أنه يحظر على المحرم أن يغطي رأسه، والأذنان من الرأس؛ لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يمسح رأسه في الوضوء مسحها مقبلاً ومدبراً، ثم مسح بفضل ماء رأسه أذنه، ولذلك تأخذ الأذنان حكم الرأس.
ما الدليل على أن تغطية الرأس تحظر على المحرم؟ عمدتنا في هذا حديث الرجل الذي وقصته دابته وهو محرم -وقصته يعني: ضربته في بطنه بعد أن وقع من عليها- فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه -والحديث في البخاري -: (لا تخمروا رأسه)؛ لأنه محرم، لأنه لما كان حياً فإنه لا يخمر رأسه فيترك كذلك على حاله وهو ميت، ويفهم منه: أن غير المحرم يغطى رأسه.
لذلك قال: [قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من تخمير رأسه، والأصل فيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن لبس العمائم والبرانس، وقوله في المحرم الذي وقصته راحلته: (لا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) -الحديث أخرجه البخاري - علل منع تغطية رأسه ببقائه على إحرامه، فعلم أن المحرم ممنوع من ذلك، وكان ابن عمر يقول: (إحرام الرجل في رأسه، وإحرام المرأة في وجهها)].
لماذا خص الرأس في الرجل والوجه في المرأة؟ لأن الأصل في الرجل أن يغطي الرأس، والأصل في المرأة أن تغطي الوجه، فكونه يكشف الرأس خرج عن مألوفه، وكونها تكشف وجهها خرجت عن مألوفها، ولكن حينما تخالط الرجال ينبغي لها أن تسدل الخمار على وجهها حتى لا تؤخذ هذه ذريعة في كشف الوجوه، وهذه حجة واضحة على أنهم كانوا يعلمون أن وجه المرأة لا يجوز أن يظهر.
يقول: [وأنه عليه السلام نهى أن يشد المحرم رأسه بالسير، وفائدة قوله: (والأذنان من الرأس) أي: يحرم تغطيتهما، وقد قال عليه السلام: (الأذنان من الرأس)].
والحديث في السلسلة الصحيحة.