قال الشارح رحمه الله: [ثم يصلي ركعتين، ويستحب له أن يحرم عقيب الصلاة].
بمعنى: أنه إذا اغتسل وتنظف وتطيب ولبس ملابس الإحرام يصلي إما الفريضة إذا حان وقت الفريضة وإما أن يصلي ركعتين مسببتين كتحية المسجد، أو سنة الوضوء، لكن ليس هناك ما يسمى بركعتي الإحرام، وبعض الناس بعد الوضوء يقول: ماذا نصلي؟ فنقول: الأمر يسير، فطالما توضأت صل سنة الوضوء، لكن لا تقل: أصلي ركعتين سنة الإحرام، فليس هناك ما يسمى بسنة الإحرام.
قال الشارح: [ويستحب له أن يحرم عقيب الصلاة، فإن حضرت مكتوبة صلاها وأحرم عقبها، وإلا صلى ركعتين تطوعاً، وأحرم عقيبها.
قال الأثرم: قلت لـ أبي عبد الله: أيما أحب إليك الإحرام في دبر الصلاة أو إذا استوت به ناقتك؟ قال: كل قد جاء في دبر الصلاة وإذا علا البيداء أو إذا استوت به الناقة، فوسع فيه كله].
والمعنى: هناك فرق بين التهيؤ للإحرام وبين الإحرام، فالتنظف والاغتسال والتطيب ولبس ملابس الإحرام كل هذا تهيؤ للإحرام.
فكل ما كان قبل أن تقدم على الميقات هذا تهيؤ للإحرام، وأما الإحرام الحقيقي فيكون في الميقات، فكونك تلبي بحج وعمرة أو بحج فقط أو بعمرة فقط هذا كله في الميقات، وتحاسب على محظورات الإحرام بعد الميقات.
فبعد الميقات نحاسبك إذا ارتكبت محظوراً أما قبل ذلك فأنت في حل حتى وإن لبست ملابس الإحرام، فالعبرة بالميقات والتلبية فيه، وإذا كان سفر المحرم بطائرة فمعلوم أن الطائرة لن تقف، فيصلي ركعتين قبل أن يصعد الطائرة وبعد أن يلبس ملابس الإحرام.
قال: [ويحرم عقيبهما وهو أن ينوي الإحرام بقلبه، ولا ينعقد الإحرام بغير نية؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات)، ويكون عقيب الصلاة؛ لقول ابن مسعود: (أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم الإحرام حين فرغ من صلاته)].
والإحرام ركن، فلو أن رجلاً مر على الميقات ولم يحرم فإما أن يعود ويحرم من الميقات، وإما أن ينوي الإحرام بعد الميقات ويلزمه فدية؛ لأنه أحرم بعد الميقات.
فالإحرام ركن، والإحرام من الميقات واجب، وإذا ترك الإحرام فسد الحج أو فسدت العمرة، وإذا ترك الإحرام من الميقات يجوز له أن يحرم بعد ذلك ويلزمه فدية، فأصل الإحرام ركن، لكن الإحرام من الميقات واجب، لذلك إن مر على الميقات ولم يحرم نقول له: أحرم من مكانك ويلزمك دم؛ لأنك أحرمت بعد الميقات، وأصل الإحرام ركن، ولذلك هناك فرق بين أركان الحج وواجبات الحج، وفرق بين أركان العمرة وواجبات العمرة، وتجد البعض لم يفرق بين الاثنين، يقول: أركان العمرة: الإحرام من الميقات، وهذا خطأ، فإن الإحرام من الميقات واجب، والركن هو الإحرام نفسه، فكان يجب أن يفرق بين أصل الإحرام وبين الإحرام من الميقات، وهذا مما نبهنا إليه كثيراً.