قال المصنف رحمه الله: [باب الحيض ويمنع عشرة أشياء: فعل الصلاة] فالحائض لا تصلي.
[وجوبها] يعني: لا تصلي ولا تقضي.
وكذلك رفع عنها الصيام ولكن لم يرفع عنها القضاء، فالصيام واجب على الحائض بعد أن تتطهر، لذلك أشار المصنف إلى فعل الصلاة ووجوب الصلاة وفعل الصيام، أما وجوب الصيام فلم يسقط، (كنا نؤمر بقضاء الصيام، ولا نؤمر بقضاء الصلاة ونحن حيض).
وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (ريت النار فرأيت أكثر أهلها النساء يكفرن، قلنا: يا رسول الله يكفرن بالله؟ قال: لا.
بل يكفرن العشير والإحسان، ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للب الرجل الحازم منكن، ثم سئل، فقال: أما نقصان العقل فشهادة المرأة نصف شهادة الرجل، وأما نقصان الدين فترفع عنها الصلاة وهي حائض ولا تؤمر بقضائها).
ويمنع الحيض عن المرأة: الطواف بالبيت، وقراءة القرآن وفيه خلاف، ومس المصحف وفيه خلاف، والمكث في المسجد وفيه خلاف، والجماع في الفرج وليس فيه خلاف، فالحيض يمنع على الرجل أن يجامع امرأته، ولا يجوز بحال من الأحوال، وسنة الطلاق فمن طلق امرأته وهي حائض فقد خالف السنة وتعدى في الحد، يقول تعالى: {يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1]، ومعنى لعدتهن: أي: من طهر لم يجامعها فيه، فلا يطلقها وهي حائض، أو في طهر جامعها فيه، فهذا طلاق بدعي، وبين العلماء خلاف في وقوعه وعدم وقوعه.
ويمنع الحيض عن المرأة الاعتداد بالأشهر، فالمرأة الحائض تعتد بالحيض.
والحيض يوجب الغسل، أي: أن الحيض من موجبات الغسل، ورب العالمين يقول: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة:222]، والعزلة هنا عزلة جسدية وليست عزلة قلبية، والعزلة ثلاثة أنواع: عزلة جسدية، وعزلة قلبية، وعزلة جسدية قلبية، وإبراهيم عليه السلام اعتزل قومه بقلبه وجسده: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [مريم:48]، وكذلك أصحاب الكهف: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} [الكهف:16]، اعتزلوا القوم بأجسادهم وبقلوبهم، أما عزلة الرجل للمرأة في المحيض فهي عزلة جسدية، قال تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة:222]، يعني: حتى يغتسلن.
إذاً: الحيض يوجب الغسل، وهو من علامات البلوغ، فإذا حاضت المرأة فقد بلغت، وعلامات بلوغ المرأة أربعة: أن ينبت شعر العانة، أو تحتلم، أو تحيض، أو تبلغ خمس عشرة سنة.
وقد تحيض المرأة لتسع سنين، فإن حاضت لتسع فقد بلغت، لأن أي علامة من هذه العلامات الأربع فهي علامة من علامات بلوغ المرأة.
وعلى هذا فعدة المرأة تكون بالحيض؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228]، وأما المرأة التي لم تحض أو اليائسة من المحيض فعدتها ثلاثة أشهر، قال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق:4]، إذاً فالمرأة التي يئست من المحيض عدتها ثلاثة أشهر، وكذلك التي لم تبلغ سن المحيض عدتها ثلاثة أشهر، أما التي تحيض فعدتها ثلاثة قروء.
إذاً: فالحيض يمنع عشرة أشياء، ويوجب ثلاثة أشياء: يوجب الغسل، ويوجب البلوغ، ويوجب الاعتداد به.
ثم قال: فإذا انقطع الدم أبيح فعل الصوم، يعني: انقطع دم المرأة ولم تغتسل فيجوز لها الصيام، ولا يشترط في الصيام أن تغتسل، وإنما يشترط في الصيام انقطاع الدم، فإذا انقطع الدم قبل الفجر بدقيقة فيجوز لها أن تصوم حتى وإن اغتسلت بعد الفجر، لكن الصلاة لا بد أن تغتسل لها، وهناك فرق بين الصلاة والصيام.
فإذا انقطع الدم أبيح فعل الصوم والطلاق بمعنى: يجوز أن يطلقها أيضاً بانقطاع الدم، وليس شرطاً أن تغتسل، ولم يبح سائرها حتى تغتسل.
ويجوز الاستمتاع من الحائض بما دون الفرج، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا كل شيء غير النكاح)، بمعنى: يجوز للزوج أن يستمتع من زوجته وهي حائض إلا أنه يحظر عليه أن يجامعها، أما ما دون الجماع فهو جائز.
قال: وأقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً.
قال في الشرح: وأقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، قال الشافعي رحمة الله: رأيت جدة في مصر عمرها 21 سنة؛ لأنها حاضت لتسع، ثم تزوجت بعد تسع وأنجبت بنتاً، وحاضت هذه البنت أيضاً لتسع ثم تزوجت وأنجبت فأصبحت الأم جدة.
قال: وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً وليس لأكثره حد، وأقل سن تحيض له المرأة تسع سنين وأكثره ستون، والمبتدئة إذا رأت الدم لوقت تحيض في مثله