المراد بالاستطاعة في الحج

قال: [والاستطاعة: أن يجد زاداً وراحلة بآلتهما، مما يصلح لمثله فاضلاً عما يحتاج إليه لقضاء دينه ومؤنة نفسه وعياله على الدوام].

والمعنى: أنه يملك الزاد والراحلة، ويترك لأهله ما يقتاتون به مدة الحج، ويقضي ديونه، فإذا كان هذا الدين قد حل أجله قبل أن يسافر إلى الحج فلا بد من قضاء هذا الدين؛ لأنه دين في الذمة وقد حل أجله، إلا أن يستحل المدين بالتأجيل، إذا كان عنده ما يفي بالاستقبال، فإن كان عنده ما يفي فلا بأس، وهذا يسمى مديناً مليئاً، يعني: عنده ممتلكات تفي بدينه إذا مات.

إذاً: إذا كان مديناً ديناً حالاً فلا يجوز له الحج إلا أن يستحل صاحب الدين من تأجيل الدين أو يقضي الدين قبل أن يرحل.

قال: [(لما أنزل الله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97] قال رجل: يا رسول الله! ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة)، ولأنها عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة فاشترط لوجوبها الزاد والراحلة كالجهاد، وتختص الراحلة بالبعيد الذي بينه وبين البيت مسافة القصر، فأما القريب الذي يمكنه المشي إليها وبينه وبينها مسافة دون القصر فيلزمه السعي إليها كالسعي إلى الجمعة].

يعني: الذي يبعد عن البيت الحرام مسافة القصر تلزمه راحلة، سواء سافر من جدة أو المدينة أو مصر أو العراق أو من أي البلاد الإسلامية.

قال: [والزاد الذي يشترط القدرة عليه هو ما يحتاج إليه من مأكول ومشروب وكسوة في ذهابه ورجوعه، ويعتبر قدرته على الآلات التي يحتاج إليها من أوعية الماء والدقيق وما أشبههما مما لا يستغني عنه فهو كعلف البهائم.

وأما الراحلة فيشترط أن يجد راحلة تصلح لمثله، إما بشراء أو كراء -يعني: الإيجار- ويجد ما يحتاج إليه من آلتها التي تصلح لمثله، وإن كان ممن لا يخدم نفسه اعتبر القدرة على خادم يخدمه؛ لأن هذا كله من سبيله].

والمعنى: رجل يملك القدرة المالية، ولكنه لا يستطيع السفر إلا برفيق أو بمعاون يحمله ويطوف به ويسعى به، ويذهب به إلى الجمرات، فهو لا يستطيع أن يؤدي المناسك إلا بمعاون، فإن استطاع أن يتحمل نفقة المعاون فيلزمه الحج، وإن لم يستطع فهو غير مكلف، ويمكن في هذه الحالة عند بعض العلماء أن ينيب؛ لأنه قادر مادياً، لكنه غير قادر صحياً وجسدياً، والدليل على ذلك: (لبيك عن شبرمة، قال: من شبرمة؟ قال: رجل أحج عنه يا رسول الله! قال: أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)، وشبرمة رجل ما استطاع أن يصل إلى البيت لعذر مرضي فأناب غيره في الحج عنه لعدم القدرة على السفر.

فحج النائب يجزئ عمن ناب عنه.

قال: [ويعتبر أن يكون ذلك فاضلاً عما يحتاج إليه لنفقة أهله والذين تلزمه نفقتهم في مضيه ورجوعه؛ لأن النفقة متعلقة بحقوق الآدميين، وهم أحوج وحقهم آكد، وقد روى عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت)].

يعني: يعول، وهذا حديث ضعيف، والاستطاعة هي أن يترك ما يفي بحاجته وحاجة أولاده.

أما من يقدم الزواج على الحج فهذا كلام باطل؛ فإن الحج فريضة لابد أن تعجل، كما جاء في الحديث: (حجوا قبل ألا تحجوا).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015