قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو على ما تيقن منهما].
مثال ذلك: رجل توضأ للمغرب وصلى المغرب، ثم شك بعد المغرب: هل أحدث أم لا؟ إذاً: يبني على الأصل، والأصل أنه على وضوء، ويطرح الشك.
ومراتب العلم ستة: 1 - علم.
2 - جهل بسيط.
3 - جهل مركب.
4 - ظن.
5 - وهم.
6 - شك.
والعلم معناه: إدراك الشيء على حقيقته، كأن يقول الشخص إجابة على
Q متى كان فتح مكة؟ فيقول: فتح مكة كان في سنة 8هـ، فهذا علم؛ لأنه أدرك الشيء على حقيقته، فلو قال شخص: فتح مكة كان سنة 7هـ، فهذا تسميه جهلاً مركباً؛ لأنه أدرك الشيء على غير حقيقته، وعلى هذا فإن الذي قال: إن النقاب عادة وليس عبادة قوله هذا جهل مركب.
ومن قال: لا أدري متى كان فتح مكة، فقوله هذا جهل بسيط، ومن قال: فتح مكة كان في العام الثامن، واحتمال أن يكون في العام السابع فقوله هذا ظن؛ لإدراك الراجح مع احتمال المرجوح، وإن قال قائل: فتح مكة كان في العام السابع، واحتمال أن يكون في الثامن فهذا وهم؛ لأنه أدرك المرجوح مع احتمال الراجح.
وإن قال قائل: يحتمل أن يكون فتح مكة في العام السابع ويحتمل أن يكون في العام الثامن، فهو متردد بين احتمالين ولم يجزم بقول.
فهذا شك.
فهنا أقول: إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث فإنه يبني على الأصل ويطرح الشك، وكذلك العكس إذا شك في الطهارة وتيقن الحدث فعليه أن يتوضأ؛ لأنه لا بد أن يعمل بالأصل وهو اليقين.
فمثلاً: رجل شك: هل صلى ثلاث ركعات أم أربع؟ فاليقين ثلاث ركعات والشك أربع، إذاً: يبني على اليقين فيأتي برابعة.
هذا هو الشك.
يقول المصنف: [ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو تيقن في الحدث وشك في الطهارة فهو على ما تيقن منهما؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً، فأشكل عليه هل خرج منه شيء أم لم يخرج فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)، متفق عليه].
فاليقين لا يزول بشك، مثال ذلك: رجل يصلي وأشكل عليه: هل أخرج ريحاً أو لم يخرج، فلا يخرج من الصلاة حتى يسمع صوتاً -صوت الحدث- أو يجد ريحاً، وليس المقصود بالحديث الظاهر، يعني: ربما رجل ما وجد صوتاً وما شم ريحاً ولكنه متيقن أنه أحدث فلا بد له أن يخرج من الصلاة ولا يتمسك بظاهر النص، فالحديث لا يحمل على ظاهره بقدر ما يحمل على علته، والعلة هي التيقن: أن تستصعب اليقين، والله تعالى أعلم.