ما يستحب للمعتكف

ويستحب للمعتكف الاشتغال بالقرب واجتنابه ما لا يعنيه من قول وفعل، ولا يكثر الكلام فإن كثرته لا تخلو من اللغو والسقط، وقد جاء في الحديث: (من كثر كلامه كثر سقطه)، ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف ففي الاعتكاف أولى.

ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك] يعني: إن لغا أو اغتاب وهو معتكف فاعتكافه صحيح ولكن عليه الإثم، والإثم مغلظ في رمضان وفي الاعتكاف وفي بيت الله، وهذا فيه حرمة الزمان وحرمة المكان وحرمة الوقت، وهذا أيضاً يشير إلى جرم الفعل.

قال: [ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك؛ لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظوره، وإنما استحب ذلك ليكون مشتغلاً بما اعتكف لأجله من طاعة الله واجتناب معاصيه فيحقق ما اعتكف لأجله.

ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له منه] أي: يجوز للمعتكف أن يخرج من المسجد في حالات: قضاء الحاجة، إذا كانت دورة المياه منفصلة عن المسجد، وشراء طعام وشراب إن لم يجد من يأتيه به.

فالسنة للمعتكف ألا يخرج إلا لما لا بد منه.

قال: [وقالت أيضاً: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله)] أي: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في الاعتكاف يخرج رأسه لـ عائشة وهو في المسجد وهي في حجرتها ما يمنعها من دخول المسجد إلا الحيض، وهذا دليل عند الجمهور على عدم جواز دخول الحائض المسجد، وهذا استدلال البخاري وابن حجر في الفتح: (أنه كان يدني رأسه في المسجد يخرج رأسه إلى حجرة عائشة ترجله)، يعني: تمشط شعر النبي صلى الله عليه وسلم.

قال: [(وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان)، ولا خلاف أن له الخروج لما لا بد له منه.

قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن للمعتكف أن يخرج من معتكف للغائط والبول، ولو كان ذلك يبطل لم يصح لأحد اعتكاف، وفي معناه: الحاجة إلى الأكل والشرب إذا لم يكن له من يأتيه به يخرج إليه، إلا أن يشترط عيادة المريض، وصلاة الجنازة، وزيارة أهل، أو رجل صالح، أو قصد بعض أهل العلم، أو يتعشى في أهله أو يبيت في منزله؛ لأنه يجب بعقده، فكان الشرط فيه إليه كالوقف] بمعنى: أنه اعتكف واشترط على نفسه أنه يشيع الجنازة فاعتكافه يصح، لكن إذا اعتكف ولم يشترط فلا يجوز له؛ لأن تشييع الجنازة فرض كفاية إن قام به البعض سقط عن الآخرين، فلا يجوز للمعتكف أن يخرج ليشيع الجنازة أو ليغسل ميتاً إذا لم يكن إلا هو، فهناك فروض كفاية تجزئ إذا قام بها البعض، ولا يجوز له أن يباشر امرأته.

والنبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف خرج مع صفية، يقلبها إلى حجرتها، وفي هذا بيان الضرورة الشرعية أن المرأة لا يجوز له أن تنقلب إلى البيت بمفردها ليلاً.

يقول أحد الإخوة: إن بعض المنتقبات الفاضلات في حال تزينهن يجذبن انتباه المارة أكثر من بعض النساء الأخريات الغير ملتزمات باللباس الشرعي، حيث صار النقاب فتنة أكثر من فتنة المتبرجات، فنجد النقاب قد أظهر العينين مفتوحاً من الجانبين.

ومن شروط اللباس الشرعي للمرأة ما يلي: ألا يكون لباس زينة يجذب النظر، وأن يكون فضفاضاً لا يصف، سميكاً لا يشف، وألا يكون لباس شهرة، فكل لباس أو نقاب أو إسدال يجعل المرأة مميزة بين النساء، فهذا يسمى لباس شهرة، أو لباس زينة كأن يكون مثلاً أصفر، أو بنفسجي أو أحمر، فهذا لا يجوز بحال، أو أن تغطي جزءاً من وجهها وتظهر العينين وفيهما الكحل والرموش فلا يجوز هذا فإن فيه فتنة، إلا أن تسدل المرأة وتظهر عيناً واحدة للرؤية أو ترى من وراء النقاب، وهناك هجمة على الحجاب والأمر لا يخفى عليك، فهذه نصيحة لأخواتنا من أخ فاضل جزاه الله خيراً.

ولا يجوز للمعتكف أن يذهب إلى العمل ثم يعود، فهذا اسمه اعتكاف جزئي وليس اعتكافاً بالمعنى الشرعي، الذي هو ملازمة المسجد.

ويجزئ أن يحدد في اعتكافه ليالي رمضان فقط، لأن ما لا يدرك جله لا يترك كله، فمن كان موظفاً ولا يستطيع الحصول على إجازة يعتكف الليالي، ومن أحيا ليالي رمضان له الفضل الكثير من الله سبحانه وتعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015