قال: [وقالت عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده)].
يعني: السنة الفعلية أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وفي البخاري: (اعتكف العشر الأوائل، فقال له جبريل: إن الذي تطلب أمامك)، أي: ليلة القدر، (فاعتكف العشر الأواسط فقال له: إن الذي تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأواخر صلى الله عليه وسلم)، وفي العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً وواظب على الاعتكاف صلى الله عليه وسلم، واعتكف أزواجه من بعده، وكان يضرب لهن الخيام خلف الرجال؛ لأن الأصل في الاعتكاف أن تنفرد في المسجد بخيمة أو بخباء تنعزل فيه وتترك حتى الأمور المباحة، وتنشغل بالطاعة: الذكر، القرآن، الصلاة، العبادة، حتى قال بعض العلماء: لا شأن للعلم في الاعتكاف، فقد كان السلف يتركون طلب العلم في الاعتكاف، أما نحن الآن فربما نقيم اعتكافاً جماعياً ونجلس الساعات للسمر والكلام، فمقصود الاعتكاف هو تفريغ القلب عن الدنيا للعبادة من تسبيح وذكر وقراءة القرآن وغير ذلك من أنواع العبادة، أما أن يجلس الناس في المسجد مع بعضهم البعض في قال وقيل فهذا لا ينبغي، حتى قال أخ فاضل لي في سنة من السنوات وكنا في حال اعتكاف: أنتم حولتم الاعتكاف إلى اعتلاف، لأنه في كل ساعة وجبة، وبعد الوجبة حلوى وبعد الحلوى عصير، المفروض أن نتعلم التقشف، فنفطر التمر والماء ثم نأكل قليلاً من الطعام، وتخرج عن مألوفك فتنام على الأرض، وتقيم الليل، وتسبح وتستغفر، وتراجع أعمال السنة مع نفسك.
قال: [إلا أن يكون نذراً فيلزم الوفاء به] يعني: رجل نذر أن يعتكف، فيصبح الاعتكاف في حقه واجباً، أي: واجباً بالشرط، لأنه الذي اشترط على نفسه، فالذي ينذر يلزمه أن يوفي بنذره كما اشترط.