زكاة المعدن

قال: النوع الثاني: المعدن، فمن استخرج من معدن نصاباً من الذهب أو الفضة أو ما قيمته نصاب من الجواهر أو الكحل والصُّفر والحديد أو غيره فعليه الزكاة في الحال ربع العشر من قيمته.

أي: من استخرج من باطن الأرض حديداً أو نحاساً أو رصاصاً أو أي نوع آخر ففيه في الحال ربع العشر، لكن بشرط أن يكون المعدن قد بلغ نصاب أحد النقدين (الذهب أو الفضة)، فالذهب 85 جراماً عيار أربعة وعشرين وليس واحداً وعشرين كما يفهم البعض، والفضة 595 جراماً، والأصلح للفقير أن يقدر بنصاب الفضة؛ لأننا لو قدرناه بالذهب لخرج الكثير من الأغنياء عن هذا النطاق.

ثم قال: لقوله تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة:267]، وعليه فالبترول معدن، فيلزم فيه ربع العشر.

قال: وروى الجوزجاني بإسناده عن بلال بن الحارث المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من معادن القبيلة الصدقة وقدرها ربع العشر؛ ولأنها زكاة في الأثمان فأشبهت سائر الأثمان، أو تتعلق بالقيمة أشبهت زكاة التجارة، ولا يعتبر لها حول؛ لأنه يراد لتكامل النماء، أي: أن العلة في الحول هي: تكامل النماء، أما الخارج فقد نما يوم أن أخرجناه، قال: وبالوجود يصل إلى النماء فلا يعتبر له حول كالعشر، يعني: كالنبات يوم أن يخرج تجب فيه الزكاة.

ثم قال: ولا يخرج إلا بعد السبك والتصفية، كالحب والثمرة.

قال: ولا شيء في اللؤلؤ والمرجان والعنبر والسمك؛ لأن ابن عباس قال: لا شيء في العنبر إنما هو شيء ألقاه البحر؛ ولأنه كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه فلم تسبق فيه سنة، وعلى قياسه اللؤلؤ والمرجان، وعنه -أي: عن أحمد - فيه الزكاة قياساً على العنبر.

لذلك فإن من ثراء المذهب الحنبلي أن فيه أكثر من رواية، وقلما تجد رواية من روايات الإمام أحمد إلا ويقابلها رأي عند المذهب الآخر، فتجد مثلاً في مذهب الشافعي أو مذهب أبي حنيفة رأياً يقابل رواية عند أحمد رحمه الله تعالى، وسبل ترجيح الروايات في المذهب قد فصلها صاحب الإنصاف في: (الراجح من مسائل الخلاف) داخل المذهب الواحد، وهناك رسالة ماجستير مكونة من مجلدين، تناول فيها صاحبها: المسائل التي لم يختلف فيها أحمد موافق مع باقي الفقهاء الثلاثة، ورسالة دكتوراه لـ أحمد موافق في دار العلوم، والمسماه بـ (الاختيارات العلمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية، ابن تيمية الذي قد وافق المذاهب في بعض الأحكام، كما خالف ثلاثة واتفق مع واحد، وخالف الأربعة في بعض المسائل، وقد أتى الباحث بهذه الآراء الفقهية لشيخ الإسلام وأثبت أن لها أصلاً من أقوال السلف، ولم ينفرد في مسألة برأيه، وإنما لها أصل عن الصحابة أو عن التابعين، وقد بلغت هذه الرسالة ثلاثة مجلدات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015