قال الشارح: [ويعتبر للخلطة شروط أربعة: الأول: أن يكون الخليطان من أهل الزكاة]، أي: بين مسلم ومسلم، لا بين مسلم ونصراني مثلاً، ولذا قال: [فإن كان أحدهما مكاتباً أو ذمياً فلا أثر لخلطته؛ لأنه لا زكاة في ماله فلم يكمل النصاب به].
قوله: (مكاتباً)، المكاتب: هو العبد الذي كاتب سيده على مبلغ من المال مقابل أن يعتقه.
[الثاني: أن يختلطا في نصاب]، أي: لا بد أن يبلغا النصاب سوياً، [فإن كان دونه مثل ثلاثين شاة لم تؤثر الخلطة، سواء كان لهما سواه أو لم يكن؛ لأن المجتمع دون النصاب].
[الشرط الثالث: أن تكون الخلطة في السائمة فلا تؤثر في غيرها؛ لأن النص اختص بها]، يعني: أن لا تعتبر الخلطة إلا في السائمة فقط، وما عدا ذلك فلا، فلو أن امرأة عندها مائتان جرام من الذهب، وأختها كذلك، فجمعتا الكل، فإنه لا عبرة بهذه الخلطة، وإنما تجب على كل واحدة منهن الزكاة منفردة إذا حال عليها الحول.
وكذلك: إذا كانت إحداهن تملك خمسين جراماً من الذهب، والأخرى كذلك، ثم جمعتا الكل، فإنه لا زكاة على أي منهما؛ لأن كل واحدة منهن ملكن أقل من النصاب.
[الرابع: أن يختلطا في ستة أشياء لا يتميز أحدهما عن صاحبه فيها وهي: المسرح، والمشرب، والمحلب، والمراح، والراعي، والفحل]؛ لما روى الدارقطني بإسناده عن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة)، والخليطان: ما اجتمعا في الحوض والفحل والراعي، نص على هذه الثلاثة فنبه على سائرها، ولأنه إذا تميز كل مال بشيء مما ذكرنا لم يصيرا كمال الواحد في المؤنة].
[الخامس: أن يختلطا في جميع الحول، فإن ثبت لهما حكم الانفراد في بعضه زكيا زكاة المنفردين فيه؛ لأن الخلطة معنى يتعلق به إيجاب الزكاة فاعتبرت في جميع الحول كالنصاب].
قال: [وإذا أخرج الفرض من مال أحدهم رجع على خلطائه بحصصهم منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية)، رواه أنس في حديث الصدقات].
قال: [ولا تؤثر الخلطة في غير السائمة، وعنه - عن أحمد - تؤثر في شركة الأعيان؛ لعموم الخبر، ولأنه تجب فيه الزكاة فأثرت فيه الخلطة كالسائمة، ودليل الأولى قوله: (الخليطان ما اجتمعا على الحوض والراعي والفحل) رواه الدارقطني، وهذا مفسر للخلطة شرعا فيجب تقديمه؛ ولأن الخلطة في السائمة أثرت في الضرر كتأثيرها في النفع، وفي غيرها لا تؤثر في النفع لعدم الوقص فيها، وقوله عليه السلام: (لا يجمع بين متفرق خشية الصدقة)، دليل على اختصاص ذلك بالسائمة التي تقل الصدقة بجمعها لأجل الأوقاص بخلاف غيرها].