الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: أيها الإخوة الكرام الأحباب! مع كتاب الجنائز من كتاب العدة شرح العمدة للإمام موفق الدين بن قدامة المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى.
الحقيقة أيها الإخوة الكرام! سنقوم اليوم بالشرح النظري؛ حتى نرتب المسألة العملية أكثر؛ وحتى نربط بين النظري والتطبيق، فقه الجنائز من أهم أنواع الفقه؛ فقد كثرت البدع فيه، وغاب عن كثير من المسلمين.
وفقه الجنائز يتعلق به عدة موضوعات: الموضوع الأول: ما يجب على الحي تجاه الميت عند احتضاره وبعد موته، ثم تغسيل الجنازة.
وهناك فرق بين الجنازة -الجنازة بفتح الجيم وبكسره- فالجنازة بفتحها: هو الميت، والجنازة: هي النعش الذي يحمل فيه الميت.
ويرتبط بفقه الجنائز: غسل الميت، وتكفينه والصلاة عليه، ومن أولى الناس بالصلاة عليه، وطريقة الصلاة وصفتها، ثم اللحد في القبر، ثم القربات التي تصل إلى الميت بعد موته ما يصل منها وما لا يصل.
ومما يرتبط أيضاً بهذا الفقه الهام أولاً: البدع التي انتشرت بين المسلمين في مسائل الجنائز، وحدث ولا حرج عن هذه البدع المنتشرة بين الناس وهو يحسبون أنها سنة، مثل وضع الجريدة على القبر بزعم أن هذه ليست خاصية للنبي عليه الصلاة والسلام، وهي خاصة به كما سنبين ذلك بالأدلة.
ثانياً: ارتفاع القبور عن حدها الشرعي، وتزيينها وزخرفتها، والكتابة على ألواح رخامية: هذا قبر فلان الفلاني، والقطع له بالجنة، والندب والنياحة عليه، ونعيه كنعي الجاهلية، وإقامة السرادقات واستجلاب القراء، وتوزيع الدخان والسجائر، وكل هذا من بدع الجنائز، والموسيقى العسكرية التي تصاحب بعض الجنائز، ورفع الأعلام الصوفية في جنائز الأقطاب والأوتاد، وحدث ولا حرج، وكذلك التابوت الذي يحملون فيه الميت ويضعون فوقه غطاءً مكتوباً عليه أسماء الخلفاء الراشدين، وهذا التابوت ليس من ديننا، وحمل الميت عندنا له طريقة شرعية، ومعظم الذي نفعله الآن بشأن الميت فيه كثير من البدع.
وسنبدأ بدراسة فقه الجنائز بتدبر ثم نقوم بتنفيذ الغسل والتكفين عملياً، ونوضح الفرق بين غسل الرجل وغسل المرأة، وبين كفن الرجل وكفن المرأة، ومن أحق الناس بتغسيل الميت، ومن أحق الناس بالصلاة عليه، وهذه أمور مهمة جداً ينبغي أن نكون على علم بها.