باب صلاة الجمعة

من فتاوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي وكثير من العلماء: في حال وجود مساحة في المسجد الجامع تبطل الصلاة في أي مسجد آخر، فانظر إلى خطورة الأمر، طالما أن المسجد الجامع يتسع للمسلمين في الجمعة فإنه لا يجوز أن تصلي في مسجد آخر.

قال رحمه الله: [باب: صلاة الجمعة.

كل من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة إن كان مستوطناً ببناء وبينه وبين الجامع فرسخ فما دون ذلك، إلا المرأة والعبد والمسافر والمعذور بمرض أو مطر أو خوف وإن حضروها أجزأتهم ولم تنعقد بهم، إلا لمعذور إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به، ومن شرط صحتها فعلها في وقتها في قرية، وأن يحضرها من المستوطنين بها أربعون من أهل وجوبها، وأن تتقدمها خطبتان في كل خطبة حمد الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم، وقراءة آية، والموعظة، ويستحب أن يخطب الخطيب على منبر، فإذا صعد أقبل على الناس فسلم عليهم، ثم يجلس إلى فراغ الأذان، ثم يقوم الإمام فيخطب بهم، ثم يجلس، ثم يخطب الخطبة الثانية، ثم تقام الصلاة فينزل، فيصلي بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، فمن أدرك معه منها ركعة أتمها جمعة، وإلا أتمها ظهراً، وكذلك إن نقص العدد أو خرج الوقت وقد صلوا ركعة أتموها جمعة، وإلا أتموها ظهراً، ولا يجوز أن يصلى في المصر أكثر من جمعة إلا أن تدعو الحاجة إلى أكثر منها].

والمصر: القطر.

قال: [أكثر من جمعة إلا أن تدعو الحاجة أكثر منها، ويستحب لمن أتى الجمعة أن يغتسل، ويلبس ثوبين نظيفين ويتطيب، ويبكر إليها، فإن جاء والإمام يخطب لم يجلس حتى يصلي ركعتين يوجز فيهما، ولا يجوز الكلام والإمام يخطب إلا الإمام أو من كلمه الإمام].

انتهى.

هذا الكلام الثمين يحتاج إلى شرح لا شك في هذا؛ لأنها أحكام تتعلق بعبادة نقوم بأدائها في كل أسبوع، فهناك أحكام مهمة فيها.

قال: (من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة) أي: أن الجمعة فرض على كل مسلم بالغ عاقل -نفس شروط الصلاة المكتوبة- فإذا وجبت الصلاة على الرجل وجبت عليه الجمعة، ومن لم يبلغ لا تجب عليه الصلاة، ولكن له أن يصلي، أي: أن الصبي يمكن أن يشهد الجمعة، والمرأة يمكن أن تشهد الجمعة، لكن إن صلت في البيت ليس عليها جمعة، فهي ليس لها جمعة وليس عليها جمعة؛ كذلك المسافر ليس عليه جمعة، لكن له أن يصلي، وكذلك الصبي والمرأة ليس عليهما جمعة، ولكن لهما أن يصليا، وإن صلى الصبي الجمعة لا يدخل في العدد؛ لأنه غير مكلف بها، وكذلك المرأة لا تنعقد بها جمعة؛ فالمذهب الحنبلي يرى أن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين، واختلف العلماء في عدد الحاضرين للجمعة اختلافاً شديداً، عده ابن حجر في الفتح أكثر من ثلاثين قولاً، منهم من قال: تنعقد بواحد مع الإمام، ومنهم من قال: تنعقد بأربعين، ومنهم من قال: تنعقد باثني عشر؛ لأن الذين تركوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم يخطب الجمعة في سورة الجمعة تركوه وبقي معه اثنا عشر، فقالوا: لا تنعقد إلا باثني عشر، ولكن الراجح: أن الجمعة تنعقد بما تنعقد به صلاة الجماعة، وهذا هو الراجح وهو الذي عليه التحقيق.

قال: [فهي واجبة -فريضة- لقوله عليه السلام: (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليطبعن الله على قلوبهم) البخاري واللفظ لـ مسلم.

والآية واضحة في سورة الجمعة، قال تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:9]، وطالما نحن في بلد مسلم ننادي بأعلى صوتنا: فلنصدر قانوناً بتحريم البيع والشراء عند الجمعة؛ لأنه من الأمور الواضحة تماماً، بل إن العلماء قد اختلفوا: هل ينعقد البيع أم يقع باطلاً؟ منهم من قال: العقد يبطل عند الجمعة، ومنهم من قال: العقد صحيح ومعه الإثم، لكن الذين قالوا ببطلان العقد لديهم أدلة؛ لأن الله قال: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9]، فتحزن حينما ترى البيع والشراء ينعقد عند صلاة الجمعة، وكأننا لسنا على الإسلام، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات هذه الأمة التي ميزها الله تبارك وتعالى.

قال: [عن جابر: (خطبنا رسول صلى الله عليه وسلم فقال: اعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة في يومي هذا، في شهري هذا، في مقامي هذا، فمن تركها في حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر استخفافاً بها أو جحوداً لها فلا جمع الله شمله، ولا بارك له في أمره)]، وهو حديث ضعيف.

من المعلوم أنه عند النداء للجمعة يقف البيع على كل بائع، وإذا كان البائع غير مسلم فلا ينبغي أبداً أن يفتح متجراً والجمعة منعقدة؛ لأن هذا فيه محادة ومحاربة ومعاندة لله ولرسوله، بل لنص القرآن الظاهر البين، فالأمر واضح لا جدال فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015