قال رحمه الله: [فإن اجتمع رجال وصبيان وخناثى ونساء] وأنبه على ظاهرة خطيرة في مساجدنا وهي أن الصف الأول للرجال، وبعد الرجال الصبيان ثم النساء، وهذا الكلام غير صحيح أبداً، والدليل على ذلك عدة أحاديث عند البخاري، منها: أن الغلمان الصغار كانوا يقفون مع الرجال في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، أما أن يخصص صفاً للصغار، فهذا كلام غير صحيح؛ لأنه ثبت أن غلاماً يتيماً صلى بجوار أنس بن مالك، فلو كان الأمر كذلك -ولا يجوز للصغير أن يقف بجانب الكبير- لما أوقف أنس ذلك الصغير بجانبه.
وحديث آخر عند البخاري عن ابن عباس يقول: (كنت غلاماً لم أناهز الحلم -أي: لم أحتلم- فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في منى في حجة الوداع إلى غير جدار، فقمت في الصفوف).
وأكثر من سبعة أحاديث أوردها البخاري مستدلاً على أن الغلام يقف في الصف، ولا نقيم صفاً لهم، إنما الصف الأول هو الذي ينبغي أن يكون فيه أولو الأحلام والنهى والحفظة؛ بحيث إذا اعترض الإمام شيء استخلف من الصف الأول من يقوم مقامه، وبعد ذلك فإن الغلمان يدخلون بين الصفوف، وهذا كلام الألباني رحمه الله، قال الألباني: الغلام لما يقف بجوار الكبير فسيتعلم منه كيف يصلي، أما عندما نعمل لهم صفاً مستقلاً خلف صف الرجال فسيلعب الأطفال بدلاً من أن يتعلموا الصلاة، وذكر الإمام البخاري في باب الأذان في أكثر من حديث يستدل به على أن الغلمان يصلون مع الرجال داخل الصفوف وهو: (تقدم الرجال ثم الصبيان) وهذا كلام مرجوح، قال رحمه الله: [ثم الخناثى ثم النساء؛ والأصل في ذلك ما روي عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه قال: (ألا أحدثكم بصلاة رسول الله! أقام الصلاة فصف الرجال، ثم صف خلفهم الغلمان)]، وهذا حديث ضعيف، رواه أبو داود.
أنا أستدل بما عند البخاري، والمذهب يستدل بحديث ضعيف، احذر أن تأخذ بهذا الحديث الضعيف الذي فيه أنه رصَّ الرجال ثم الغلمان، أنا أحيلك إلى البخاري في تحقيق هذه المسألة الهامة.
والخنثى: هو الرجل الذي جمع بين الذكورة والأنوثة.