قال رحمه الله: [ويصح ائتمام المفترض بالمتنفل، لما روى جابر أن معاذاً كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيصلي بقومه تلك الصلاة، متفق عليه.
وروى الأثرم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة من أصحابه في الخوف ركعتين ثم سلم، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين أيضاً ثم سلم].
صلاة الخوف في الحرب لها صور متعددة: منها: أن الإمام يصلي ركعتين بطائفة، وركعتين بطائفة أخرى، يصلي ركعتين بالطائفة الأولى فرضاً بالنسبة له والطائفة الثانية يصلي بهم ركعتين نفلاً وهم مفترضون.
والصورة الصحيحة: أن يصلي ركعتين، يصلي ركعة بطائفة ثم يقوم وتقوم معه الطائفة الأولى، ثم يظل قائماً إلى أن تأتي الطائفة الأولى بركعة وهو قائم، ثم يسلمون ويتقدمون وترجع الأخرى، وتأتي معه بركعة التي قام فيها، ثم يصلي ركعة ويجلس للتشهد، فتقوم الطائفة الثانية تأتي بالركعة وهو جالس للتشهد، ويجلسون ويتشهدون ويسلمون.
نأتي بطائفتين والإمام أمامهم، ثم يصلي بطائفة والطائفة الثانية في الأمام تحرس، والإمام في الخلف هو والطائفة الأولى، فطائفة تحرس وطائفة تصلي، وبالنسبة للطائفة التي تصلي مع الإمام في الخلف تسمى الطائفة الأولى، يصلي بهم الإمام ركعة كاملة، ثم يقوم ليأتي بالركعة وهم معه، ويظل قائماً، وهم يأتون بركعة بمفردهم حتى ينتهوا من الركعتين، ثم يتقدمون.
ثم بعد أن ينتهوا ينفصلوا عن الإمام ويتقدموا للحراسة بدلاً من الطائفة الثانية، وتعود الطائفة الثانية مع الإمام الواقف تأتي معه بركعة، ثم يجلس هو للتشهد، ثم تقوم الطائفة الثانية وتأتي بركعة ثانية ثم تجلس معه للتشهد، ولا تسلم حتى يسلم الإمام.
فأحد صور صلاة الخوف: أن يصلي الإمام ركعتين مفترضاً وركعتين متنفلاً.
ثم قال رحمه الله: [ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين أيضاً ثم سلم، والثانية منهما تقع نافلة، وقد أم بها مفترضين، ولأنهما صلاتان اتفقتا في الأفعال؛ فجاز ائتمام المصلي في إحداهما بالمصلي في الأخرى كالمتنفل خلف المفترض، وعنه: لا يجوز؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما جعل الإمام ليؤتم به؛ فلا تختلفوا عليه) متفق عليه]، يعني: رواية عن أحمد أنه لا يجوز، والرواية الأخرى يجوز، والراجح وخلاصة القول: أنه يجوز للمفترض أن يأتم بالمتنفل، وهذا مذهب الشافعي وهو الراجح، وأدلته أقوى وأوضح، لحديث معاذ، وحديث صلاة الخوف.