قال رحمه الله: [الخامس: سجود التلاوة، وهي أربع عشرة سجدة]، ومواطن السجود في القرآن الكريم هي في سورة الأعراف، ثم الرعد، ثم النحل، ثم الإسراء، ثم مريم، ثم الحج في موضعين، ثم النمل ثم الفرقان ثم السجدة، (ص) وهذه مختلف فيها ثم النجم، ثم الإنشقاق ثم في العلق، ومجموعها أربع عشرة سجدة.
قال رحمه الله: [ويسن السجود للتالي والمستمع دون السامع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد وسجد أصحابه معه، ولا نعلم فيها خلافاً]، والراجح أن السجدة سنة وليست فرضاً؛ لأن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر سورة النحل يوم الجمعة فنزل وسجد، وفي الجمعة التي بعدها قرأ نفس الآيات من سورة النحل ولم ينزل ولم يسجد، قال: أردت أن أعلمكم أنها سنة، أي: أن من سجد فله الأجر ومن لم يسجد فلا شيء عليه.
والنبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك أيضاً لبيان أن السجود سنة [لحديث ابن عمر قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة في غير الصلاة فيسجد ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكاناً لموضع جبهته)].
وهناك فرق بين السامع والمستمع، فالمستمع هو الذي يجلس مع القارئ ويستمع قراءته، أما السامع فهو الذي يسمع القرآن دون أن يجلس مع القارئ في الحلقة.
وسجود التلاوة فيها خلاف بين العلماء هل يشترط لها ما يشترط للصلاة؟ والجمهور اشترطوا لها ما يشترط للصلاة من استقبال القبلة وستر العورة والطهارة، وشيخ الإسلام ابن تيمية ومعه مجموعة كبيرة من العلماء ولهم في السلف سبق يرون أنه لا يشترط لها ما يشترط للصلاة، ودليلهم أن بعض الصحابة سجدوا لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم إلى غير القبلة وعلى غير وضوء، والخلاف بين الفريقين خلاف معتبر.
ومن قال: يشترط لها ما يشترط للصلاة قال: فلا بد أن تكبر قبلها، وعند الرفع منها، وأن تسلم بعد الانتهاء؛ لأنها جزء من الصلاة فيشرع لها ما يشرع للصلاة، ومن قال: لا يشترط لها استقبال القبلة ولا الطهارة قال: تكبر وعند الرفع لا تكبر ولا تسلم، وهذا الخلاف بين العلماء في سجود التلاوة لسنا بصدد الترجيح وبيان الراجح من المرجوح.
لعله هنا يقول: (يقرأ علينا السورة في غير الصلاة فيسجد ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكاناً لموضع جبهته).
قال رحمه الله: [فأما السامع غير القاصد للسماع فلا يستحب له، لما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه مر بقاص فقرأ القاص سجدة ليسجد عثمان فلم يسجد، وإنما قال: إنما السجدة على من استمع لا على من سمع، وقال عمر وابن مسعود: وإنما جلسنا لها ولا مخالف لهما في عصره، ويكبر إذا سجد وإذا رفع ثم يسلم.
المهم أن الإمام إذا كان في الصلاة ومر بآية بها سجدة فله أن يسجد ويكبر عند السجود وعند الرفع، هذا هو الثابت ولا خلاف عليه.