ذكر الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله أقسام السجود قبل وبعد السلام، وقد قسم المسألة تقسيماً بديعاً في كتابه الممتع، ولعل بعض المطابع أخذت جزءاً من كتابه الممتع وسمته أحكام سجود السهو.
قال: هناك حالتان قبل التسليمتين، وحالتان بعد التسليمتين.
أما ما يسجد له قبل التسليمتين: فهما الشك ونسيان الواجب، بمعنى: أنك شككت في الصلاة هل صليت ثلاثاً أم أربعاً؟ فالواجب عليك أن تبني على الأقل، وهو ثلاث ركعات، وهذا يسميه العلماء اليقين: اليقين أنك صليت ثلاثاً، والشك أنك صليت أربعاً.
ومراتب العلم ستة، وهي: الأولى العلم: وهو إدراك الشيء على حقيقته، فلو سئلت: متى كانت غزوة بدر؟ إن قلت: كانت في السنة الثانية من الهجرة، فهذا يسمى: (علم)، والعلم هو إدراك الشيء على حقيقته، أما لو قلت: كانت غزوة بدر في السنة الثالثة، فهذا نسميه: (جهل مركب)، وهو: إدراك الشيء على غير حقيقته، وهذا في زماننا حدث به ولا حرج.
هذه الثانية، وإن قلت: لا أدري متى كانت غزوة بدر، فهذا يسمى (جهل بسيط)، لأنه لا يدري، ومن قال: لا أدري فقد أفتى.
هذه الثالثة.
الرابعة: لو قال قائل: غزوة بدر كانت في السنة الثانية الهجرية واحتمال أن تكون في السنة الثالثة، فهذا يسمى عند العلماء (الظن)، وهو إدراك المعنى الراجح مع احتمال مرجوح، يعني: ضعيف.
الخامسة: لو قلت: غزوة بدر كانت في السنة الثالثة الهجرية، واحتمال أن تكون في السنة الثانية، فهذا يسمى (وهم)، أدرك المعنى المرجوح وأخر المعنى الراجح.
السادسة: لو قلت: أنا لا أدري ربما تكون في الثانية وربما تكون في الثالثة، فهذا يسمى (شك)، أي: أنه استوى عنده الطرفان.
إذاً: مراتب العلم ستة: علم، جهل مركب، جهل بسيط، ظن، وهم، شك، فقول المصنف: (شك) معناه: أنك ترى (50%) أنك صليت ثلاثاً، و (50%) أنك صليت أربعاً، ولا يوجد احتمال راجح، بل تتساوى الاحتمالات، فعندها يبني على الأقل وهو الثلاثة، ويقوم ويأتي بركعة؛ فإن كانت الخامسة فلا بأس، وإن كانت الرابعة فالحمد لله، ثم يسجد للسهو قبل التسليمتين، يسبح فيها كتسبيحه في السجود العادي، سبحان ربي الأعلى، لكن بعض الناس يقول: سبحان الذي لا يسهو ولا ينام، وهذا دعاء ليس له أصل في الشرع، إنما يسبح تسبيحاً عادياً.
والواجبات سبعة، وهي: تكبيرات الانتقال، والتشهد الأوسط، والجلوس له، والتسميع، والتحميد عند الرفع من الركوع، والاستغفار بين السجدتين: (رب اغفر لي ثلاثاً)، ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم التسبيح في الركوع والسجود، والركوع والسجود ركن، ولكن التسبيح فيهما واجب.
ولو أن المصلي نسي واجباً من واجبات الصلاة سهواً فعليه أن يسجد للسهو، والسهو للمنفرد، أما المأموم فلا يسجد للسهو إلا إذا سجد الإمام، فإن سها فلا يسجد بمفرده إنما يجبر سهوه الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري عن الأئمة: (يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم).
والمقصود: لو أن إماماً صلى بالناس جنباً حتى انتهت الصلاة، وبعد الصلاة تذكر أنه كان جنباً، فهل يعيد المأمومون الصلاة أم يعيد الإمام فقط؟ يعيد الإمام فقط، وأما المأموم فصلاته صحيحة؛ للحديث: (يصلون لكم؛ فإن أصابوا فلكم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم)، إذاً: يلزم الإمام أن يعيد الصلاة بمفرده ولا يلزم المأموم.