قال المصنف رحمه الله: (أركانها اثنا عشر، وواجباتها سبعة)، والفرق بين الركن والواجب: أن الركن لا بد من تحصيله ولا يجبره سجود سهو، مثال ذلك: رجل ترك السجود الثاني، ثم قام للركعة بعد ذلك، وتذكر أنه نسي أن يسجد السجدة الثانية، فلا يقال له: اسجد للسهو، بل لابد من تحصيل ركعة كاملة؛ لأن غياب ركن عن ركعة يفسدها، ثم يسجد للسهو بعد ذلك، ليس جبراً للركن وإنما جبراً للنسيان.
ثم ذكر أركان الصلاة فقال: (القيام مع القدرة)، فأول ركن هو القيام، والبعض يجلس في صلاة الفريضة مع قدرته على القيام، ومن صلى قاعداً وهو قادر على القيام فصلاته باطلة.
إنما في النافلة يجوز أن يصلي قاعداً وهو قادر، وله نصف الأجر كما في الحديث، أما إن صلى قاعداً في الفريضة مع قدرته فتبطل، فالقيام مع القدرة ركن من أركان الصلاة؛ لأن الله يقول: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238].
الركن الثاني: تكبيرة الإحرام: وهي ركن من أركان الصلاة، وعدم تحصيلها يؤدي إلى بطلان الصلاة بالكلية؛ مثال ذلك: قد يأتي المصلي والإمام راكع فيدخل معه في الصلاة بتكبيرة الركوع دون أن يكبر تكبيرة الإحرام، وتكبيرة الإحرام لابد أن تكون من قيام؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم).
الركن الثالث: قراءة الفاتحة فـ: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، ويستثنى من ذلك المأموم إذا أدرك الإمام وهو راكع، فقراءة الإمام تجبر قراءة المأموم، وإدراك الركوع إدراك لركعة، وهذا رأي الجمهور؛ لحديث أبي بكرة.
واعلم أن في المسألة خلافاً، لكن الراجح أن من أدرك الإمام راكعاً فقد أدرك الركعة.
الركن الرابع: الركوع، فمن ركع دون أن يأتي بالركوع الصحيح فصلاته باطلة؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: (ارجع فصل) فالركوع له هيئة، وهي: أن يستوي الظهر وأن يطمئن راكعاً.
الركن الخامس: الرفع من الركوع: بحيث يطمئن قائماً، ويعود كل عضو إلى محله، ويقول: سمع الله لمن حمده، ثم يطمئن ويعتدل، والاعتدال ركن في الركوع.
الركن السادس: السجود: فمن لم يسجد على سبعة أعظم فسجوده باطل، ومن ثم فصلاته باطلة، فلابد أن يكون السجود بالهيئة التي أمرنا بها النبي عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
الركن السابع: (الجلوس عنه) أي: الجلوس بين السجدتين.
الركن الثامن: الطمأنينة في كل الأركان السابقة.
الركن التاسع: التشهد الأخير.
الركن العاشر: الجلوس للتشهد الأخير.
فالتشهد ركن والجلوس له ركن، وهب أن إنساناً قرأ التشهد الأخير من قيام، فصلاته باطلة؛ لأنه ترك ركناً وهو الجلوس للتشهد الأخير.
الركن الحادي عشر: التسليمة الأولى، السلام عليكم ورحمة الله، والثانية سنة، (وتحليلها التسليم) أي: تسليمة واحدة لا تسليمتين.
وينبني على هذا أحكام فقهية: فلو قال إمام: السلام عليكم ورحمة الله، ثم أحدث فما حكم الصلاة؟ صحيحة ولا شيء عليه.
أو مأموم يأتم بالإمام وبعد أن انتهى الإمام من التسليمة الأولى، قام ليأتي بالركعة المسبوق فيها، فصلاته صحيحة أيضاً؛ لأن الصلاة تنتهي بالتسليمة الأولى، ولكن الأولى أن ينتظر حتى ينتهي من التسليمتين.