أما وضع الإصبع في التشهد فهل يكون محركاً من أول التشهد إلى آخره أم بالإشارة فقط؟ الراجح أنه يشير بإصبعه من أول التشهد إلى آخره دون حركة، ومن قال بالحركة اعتمد على رواية زائدة بن قدامة أنه قال: (كان يشير ويحرك)، وهذا فيه مخالفة، لأنه أولاً: يتحول الأصبع اتجاهه عن القبلة، ثانياً: أن الحركة تختلف عن القبض والبسط، إنما كان يشير، ومعظم الرواة رووا الحديث أنه كان يشير دون أن يذكروا الحركة، فجاء زائدة بن قدامة وقال: (كان يشير ويحرك).
وهذه الزيادة شاذة عند بعض العلماء، وهذا هو الراجح؛ لأن الزيادة هنا من ذات الطريق، بمعنى: أنا الآن أتكلم في مسجد العزيز، والمسجد كله أجمع على أني قلت كذا، وواحد فقط هو الذي خالف، إذاً هذا الواحد يخالف جماعة من ذات الطريق، ثم أعتمد المخالفة؟ وهذا لا يمكن بحال، وحتى من قال بالحركة قال بحركة خفيفة من أول التشهد إلى آخره، ومن قال بعدم الحركة قال بالشذوذ للرواية، والأمر فيه سعة.
وفي آخر التشهد يقول: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من المأثم والمغرم، ومن شر فتنة المسيح الدجال).
أما صيغة التشهد التي اعتمدها المصنف فهي حديث ابن مسعود: (التحيات لله والصلوات والطيبات)، أثبت الواو لتعدد الثناء، حينما أقول: (التحيات الصلوات الطيبات لله) أثبت ثناءً واحداً، وحينما أقول: (التحيات لله والصلوات والطيبات) أثبت أكثر من ثناء، وكلاهما رواية، لكن هذا الراجح، ولا داعٍ للخلاف.
(السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له) وهي رواية: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)، (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) هذه صيغة، وربما تقول: (في العالمين إنك حميد مجيد)، وصيغة ابن مسعود وصيغة ابن عمر وكعب بن عجرة كلها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كان يستعيذ بعد أن ينتهي من التشهد، وفي حديث مسلم: (يستعيذ بالله من خمس: اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا والممات، ومن المأثم، ومن المغرم، ومن شر عذاب جهنم، وعذاب القبر، ومن فتنة المسيح الدجال) كان يستعيذ منهن في كل صلاة، صلى الله عليه وسلم.
ثم يسلم يميناً حتى يرى بياض خده الأيسر، السلام عليكم ورحمة الله، ثم السلام عليكم ورحمة الله، ويكفي تسليمة واحدة؛ فإن أحدث بعد التسليمة الأولى فقد انتهت الصلاة وصلاته صحيحة.
وبعض الناس يرفع يده عند السلام ويقلبها، وهذا منهي عنه أو يسلم بحركة الرأس، وهذا مخالف للسنة.
ختاماً: أعلم أن الكثير لديه تساؤلات، لكن ينبغي أن نبدأ بصغار العلم قبل كباره، والمعنى: أنه ينبغي علينا أن نمحو أولاً الجهل في كيفية الصلاة، والخلاف بين العلماء لطلبة العلم الذين يريدون أن يبحثوا، لكن الحد الأدنى من المعلومات ينبغي أن يكون واضحاً بيناً عند المسلمين.