قال رحمه الله: [فإن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها؛ لأن سترها شرط لصحة الصلاة، وقد قدر عليه، فلزمه كسائر شروطها؛ ولأن ذلك واجب في غير الصلاة ففيها أولى]، أي: إذا لم يجد من الثياب إلا ما يستر عورة النظر فيحصله وصلاته صحيحة.
ثم قال: [فإن لم يكف جميعاً ستر الفرجين]، أي: يستر الفرجين أولاً، ثم من السرة إلى الركبة، فإذا لم يجد إلا ملابس تغطي إما الدبر وإما القبل، فقال بعضهم: يغطي الدبر؛ لأنه إذا ركع وسجد بدا، ومنهم من قال: يغطي القبل؛ لأنه يتوجه به إلى القبلة، وصلاة لاعبي الكرة بالشورت باطلة، انعدم الستر بكل حال صلى جالساً ويومئ إيماءً بالسجود؛ لأنه يحصل به ستر أغلب العورة، وعن أحمد رحمه الله تعالى: يصلي قائماً ويركع ويسجد؛ لأن المحافظة على ثلاثة أركان أولى من المحافظة على شرط واحد (ستر العورة).
فإن حصل أن هناك مجموعة من العراة، فإن الإمام يقف في وسط الصف كالنساء ولا يقف أمامهم، وهذا بالإجماع، لكن هل يصلون قياماً أم قعوداً؟ عند الإمام أحمد في رواية: يصلون قعوداً حتى يسترون العورة في الأرض، ثم يومئوا برءوسهم، وفي الرواية الأخرى: يصلون قياماً؛ لأن القيام والركوع والسجود أركان، وستر العورة شرط، فالمحافظة وتحصيل هذه الأركان أولى من شرط واحد (ستر العورة)، وهذا هو الراجح، ويغمضون عيونهم، وتغميض العينين في الصلاة مكروه إلا لضرورة، كأن تصلي وأمامك شيء يذهب بخشوعك في الصلاة، فلا حرج أن تغمض عينيك عند ذلك.
ومن لم يجد إلا ثوباً نجساً أو مكاناً نجساً صلى فيهما ولا إعادة عليه؛ لأن ستر العورة واجب في الصلاة وفي غيرها، وهو مخاطب ومأمور بها، فإذا صلى فقد أتى بما أمر به، فيخرج عن العهدة، لكن: هل عليه أن يعيد الصلاة أم لا؟ روايتان عن أحمد: الأولى: أنه لا يعيد، والثانية: يلزمه الإعادة، والراجح من أقوال العلماء: أنه يعيد إن لم يخرج الوقت، والله تعالى أعلم.