ذكر الخلاف في إحياء الموات وتملكه

مذهب الحنابلة أن من أحيا أرضاً فهي له، لكن الراجح وهو قول جمهور العلماء: أن ولي الأمر لو نظّم إحياء الأرض فهذا من المصالح المرسلة التي ينبغي فيها طاعة ولي الأمر، والمعنى أن تمليك الأرض الموات لا يتم إلا عن طريق ولي الأمر، إذاً الخلاف بينهم: هل هذا على التشريع أم التنظيم؟ والأمر في حديث الترمذي: (من أحيا أرضاً ميتة فهي له)، هل هذا من سبيل التنظيم أم التشريع؟ فعند الحنابلة أنه على التشريع، وأن من أحيا أرضاً ميتة سواء بإذن أو بغير إذن من ولي الأمر فهي له، لكن الراجح من أقوال العلماء: أن ذلك بإذن ولي الأمر؛ لأن ولي الأمر إذا أصدر قراراً يصبح في حكم الشرع طالما لم يخالف؛ لأن المصالح المرسلة التي ليس فيها معارضة للشرع ينبغي أن تطيع فيها ولي الأمر، وولي الأمر في النظام الملكي هم الملوك، وفي النظام الجمهوري رئيس الجمهورية أو من ينيبه.

ولا يجوز الخروج على ولي الأمر، هذا منهج السلف قاطبة؛ لحديث عبادة بن الصامت: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وفي العسر واليسر، وألا ننازع الأمر أهله إلا أن نرى كفراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان)، قال علماء السلف: حتى لو رأيت كفراً بواحاً ولم تستطع الخروج لاستضعاف ولعدم قوة فالمختار هو عدم الخروج، ولذلك لم يخرجوا على الحجاج بن يوسف الثقفي رغم ما صنع بالتابعين، فقد قتل سعيد بن جبير واستباح الدماء، ومع ذلك لم يخرجوا عليه، وصلوا خلفه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015