إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاءً أحوى.
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: بالأمس قد ذكرنا شيئاً من نسبه عليه الصلاة والسلام ومولده وهجرته، ثم انتهينا إلى وفاته صلوات الله وسلامه عليه، وذكرنا جملة من الفوائد لعله قد يكون من المناسب استحضار بعضها.
فإننا ذكرنا زواجه عليه الصلاة والسلام من خديجة بنت خويلد، وقلنا: إن هذه الصحابية الجليلة أم المؤمنين خصها الله جل وعلا ببعض من الخصائص، منها: ما انفردت به عن أمهات المؤمنين ومنها ما انفردت به عن نساء العالمين أجمعين، فالذي انفردت به عن أمهات المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج عليها أحداً في حياتها، وأن الله جل وعلا رزقه منها الولد، هذا ما انفردت به عن أمهات المؤمنين.
وذكرنا أن لها خصيصة ليست لأحد من نساء العالمين، وهي أن الله أمر جبريل أن يبلغها السلام، وهذه الخصيصة لأحد من نساء العالمين فيما نعلم.
ثم ذكرنا أن الهجرة حدث يتعلق بشخصيته صلى الله عليه وسلم كقدوة، وذكرنا أن ما لا يتعلق به كقدوة فهذا يعلم، لمعرفة شرفه وفضله عليه الصلاة والسلام لكن الأمة غير ملزمة بالاقتداء به فيه، وذلك مثل حادثة الإسراء والمعراج.
وتكلمنا عن أبي طالب، وقلنا: إنه ناصر النبي عليه الصلاة والسلام وعضده وكان معه في شعب بني هاشم عندما حاصرت قريش النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكرنا أنه يتعلق بنصرة أبي طالب للنبي عليه الصلاة والسلام فوائد، ذكرنا منها فائدتين: الأولى: أن الإنسان يستخدم الوسائل التاريخية المتاحة إذا كان في ذلك نصرة للإسلام.
الثانية: الهداية، وقلنا: إن كون أبي طالب رغم نصرته للنبي عليه الصلاة والسلام لم يرزق الهداية يدل على أن الهداية بيد الرب تبارك وتعالى، ونسأل الله جل وعلا أن يثبتنا وإياكم على هدايته.