وَلَقَد صور رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طبائع النَّاس فِي تقبل النُّور الإلهي فَقَالَ
إِن مثل مَا بَعَثَنِي الله بِهِ من الْهدى وَالْعلم كَمثل غيث أصَاب أَرضًا فَكَانَ مِنْهَا طَائِفَة طيبَة قبلت المَاء فأنبتت الْكلأ والعشب الْكثير وَكَانَ مِنْهَا أجادب امسكت المَاء فنفع الله تَعَالَى بهَا النَّاس فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسقوا وزرعوا وَأصَاب طَائِفَة مِنْهَا أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قيعان لَا تمسك مَاء وَلَا تنْبت كلأ فَذَلِك مثل من فقه فِي دين الله تَعَالَى ونفعه مَا بَعَثَنِي الله تَعَالَى بِهِ فَعلم وَعلم وَمثل من لم يرفع بذلك وَلم يقبل هدى الله الَّذِي أرْسلت بِهِ
وَفِي الْقُرْآن صور رائعة للطبائع الْمُخْتَلفَة وَالْآيَة الْآتِيَة تصور تِلْكَ الطبائع يَقُول الله تَعَالَى لرَسُوله الْكَرِيم {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يُرِيدُونَ وَجهه وَلَا تعد عَيْنَاك عَنْهُم تُرِيدُ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه عَن ذكرنَا وَاتبع هَوَاهُ وَكَانَ أمره فرطا} وَمن أروع الصُّور القرآنية للَّذين نزلت طبائعهم إِلَى مستوى السَّائِمَة قَوْله تَعَالَى {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا فَأتبعهُ الشَّيْطَان فَكَانَ من الغاوين وَلَو شِئْنَا لرفعناه بهَا وَلكنه أخلد إِلَى الأَرْض وَاتبع هَوَاهُ فَمثله كَمثل الْكَلْب إِن تحمل عَلَيْهِ يَلْهَث أَو تتركه يَلْهَث ذَلِك مثل الْقَوْم الَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا فاقصص الْقَصَص لَعَلَّهُم يتفكرون}
وَاخْتِلَاف الطبائع مسالة بديهية وَمَا دَامَ التصوف نورا وهداية فَإِن لَهُ أَهله وَذَوِيهِ الَّذين اصْطفى الله واجتبى
التعرف لمَذْهَب أهل التصوف إِنَّه عنوان هادف كَمَا أَنه كتاب هادف