الصَّحِيح لَا يتَعَدَّى حُدُوده وللعلم الصَّحِيح دائراته وَهِي التجربة المادية الَّتِي لَا يتعداها
والتصوف تجربة روحية وَلَيْسَ للمادة شَأْن بِالروحِ فَلَيْسَ للْعلم بِالْمَعْنَى الحَدِيث إِذن شَأْن بالتصوف
إِن الْعلم أَرض ومادة وحس والتصوف سَمَاء وروح وذوق وَأمر التصوف فِي النِّهَايَة تعرف لَا دراسة أَو جدل أَو علم
وَإِذا مَا وصلنا إِلَى هَذِه النتيجة الَّتِي هِيَ فِي رَأينَا صَحِيحَة كل الصِّحَّة فَإِن معنى ذَلِك أَن من لَا يشْعر بالشعور الصُّوفِي فَإِنَّهُ لَا يتعرف عَلَيْهِ كَمَا أَن من لم يسْلك طَرِيقا معينا بِالذَّاتِ وَلَو مرّة وَاحِدَة فَإِنَّهُ لَا يتعرف على مَا فِيهِ من ظلّ ظَلِيل أَو زهور ناضرات
وقديما قَالُوا من ذاق عرف وبالتالي فَإِن من لم يذقْ لَا يعرف وَكتاب الْمُؤلف إِذن لَيْسَ إِلَّا محاولة للتعبير بالألفاظ عَن الشُّعُور المتدفق الْفَيَّاض وَهَذَا التَّعْبِير لَا يفهمهُ حق فهمه إِلَّا من شعر بِهِ وَمعنى فهمه لَهُ أَنه تعرف عله وفهمه إِذن إِنَّمَا هُوَ تعرف فَحسب
والمؤلف يَقُول مَذْهَب وَفِي النَّاس من يرى أَن التصوف مَذَاهِب وَفرق وَطَوَائِف وَلَكِن هَذَا التفكير المنحرف تأتى إِلَى الْقَائِلين بِهِ من نظرتهم إِلَى علم الْكَلَام وَإِلَى الفلسفة فَفِي علم الْكَلَام أشاعرة ومعتزلة ومشتبهة وَفِي الفلسفة أرسطيون وإفلاطونيون وديكارتيون
وَأمر الطوائف وَالْفرق يتَجَاوَز علم الْكَلَام والفلسفة إِلَى الاقتصاد وَعلم النَّفس وَعلم الِاجْتِمَاع والنفوس مهيأة لقبُول فكرة الطوائف فِي جَمِيع الْعُلُوم النظرية