كنا أردنا أن نملي أشعاراً من أشعار المحدثين في ضروب من المراثي فأشفقنا من أن يستخف بهذا الكتاب، والمراثي لا تنقضي ما كان الناس؛ فأحببنا أن نختمه ونأخذ في غيره، وأن يكون ما نختمه به شريفاً بهياً، فاخترنا له قصيدة أنشدناها الرياشي لرجل من غطفان من بني عبد الله، كانت له صحبة، قتل يوم جلولاء يقال له سالم، يرثي رسول صلى الله عليه وسلم: المتقارب
أفاطم بكّي ولا تسأمي ... لصبحك ما طلع الكوكب
فقد هدّت الأرض لمّا ثوى ... وأيّ البريّة لا ينكب
فمالي بعدك حتّى المما ... ت إلاّ جوىً داخلٌ منصب
جوىً حلّ بين الحشا والشّغاف ... فخيّم فيه فما يذهب
فيا عين ويحك لا تسأمي ... وما بال دمعك لا يسكب!
وقد بان منك الّذي تعلمين ... وضاقت بك الأرض والمذهب
ومن ذا لك الويل بعد الرّسول ... يبكّى من النّاس أو يندب
فإن تبكه تبك خير الأنام ... كثير الفواضل لا يجدب
وإن تبكه تبك سهل الجنا ... ب محض الضرائب لا يؤشب
وإن تبكه تبك نور البلا ... د ضخم الدّسيعة لا يحسب
وإن تبكه تبك خير الأنام ... سريعاً سوابله مخصب
وإن تبكه تبك واري الزّناد ... صدوق المقالة لا يكذب
وتبكي الرّسول وحقّت له ... شهود المدينة والغيّب
وتبكي له الصّمّ، صمّ الجبال ... وشرق المدينة والمغرب
وتبكيه شعثاء مضرورةٌ ... إذا حجب النّاس لا تحجب
ويبكيه شيخٌ أبو ولده ... تطيف بعقوته أشيب