وقد أطلنا القول في المراثي والتعازي وما بهما من المواعظ. وأخر بما أطيل أن يمل. وقد قال أحد المتقدمين: من أطال الحديث فقد عرض نفسه للملل ولسوء الاستماع. وقد كنا ذكرنا أشعاراً من أشعار المتقدمين، فقلنا نمليها على وجهها. ثم رجعت إلى أنها مجموعة في الكتاب الكامل على شرح جميع إعرابها ومعانيها، فإن رجعت معادةً، وهو يؤخذ من ثم. وقد أتى للقاضي رحمه الله أكثر من الحول. وقد قال لبيد:
ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
ولكنا نشيع ما قد مضى من الأخبار بأخبار طريفة من هذا الباب، وأشعار ظريفة مختصرة، ينقطع الكلام عليها إن شاء الله وبه القوة.
حدثت أن رجلاً عزى يحيى بن خالد عن حرمة له فقال: أيها الوزير، تقديم الحرم من النعم، وتمثل: الوافر
تعزّ إذا رزئت بخير درعٍ ... تسربل للمصائب درع صبر
ولم أر نعمةً شملت كريماً ... كعورة مسلمٍ سترت بقبر
وسمع أسماء بن خارجة الفزاري نائحة بالكوفة تقول: المتقارب
فمن للمنابر والخافقات ... وللجود بعد زمام العرب
ومن للعناة وحمل الدّيات ... ومن يفرج الكرب حين الكرب
ومن للطّعان غداة الهياج ... ومن يمنع البيض عند الهرب