فجاءه صعلوك من صعاليك قريش بصك على أبيه بعشرين ألف درهم، فيه شهادة مولىً له، فقال له: يا هذا، إني أعرف الخط وإني أنكر أن يكون لمثلك مثل هذا المال عليه، فدعا مولاه فقال له: أتعرف هذا؟ فشهد به؛ فقال له: ما سببه؟ فقال: إن أباك في وقت عزله وكان معاوية يوليه المدينة سنةً ويولي مروان ابن الحكم سنةً رآه وحده وقد ركب لبعض حاجاته، فسار معه حتى بلغها ورجع. فلما انتهى قال له: يا فتى، ألك حاجة؟ فقال: لا، ولكني رأيتك مفرداً فأحببت أن أصل جناحك، فالتمس مالاً يهبه له فلم يحضره فقال لي: عجل علي بصحيفة، فكتب له بهذا ديناً عليه حالاً. فقال عمرو: إذن والله لا يأخذها إلا معجلةً منتقدةً.
قال ابن دأب: لما حضرت عمر بن عبد العزيز الوفاة قيل له: يا أمير المؤمنين، اكتب إلى يزيد بن عبد الملك فأوصه بالأمة خيراً فقال: وبم أوصيه؟ إني لأعلم أنه من بني مروان. ثم أمر بالكتاب إليه: أما بعد. فاتق، يا يزيد، الصرعة بعد الغفلة فلا تقال العثرة، ولا تقدر على الرجعة. تترك ما تترك لمن لا يحمدك، وتقدم على من لا يعذرك والسلام.