أنبأنا الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الرافقي, أَخْبَرَنَا عَلِي بْن مُحَمَّد بن السري, أخبرنا الحسن بْن الْحَسَن المقرئ, قَالَ: أوصى بنان رجلًا, فَقَالَ: إِذَا دعيت إلى وليمة إِن شاء اللَّه فإياك ثُمَّ إياك أَن تتأخر إِلَى آخر الوقت, وتشاغل وتسترخي وتثاقل وتقول: الساعة, وإلى ساعة, وإيش فاتني؟ وبعد مَا جاء أحد, وَمَا لي أكون من السبق؟ وَلَمْ أكون أنا أول النَّاس؟ ومثل هَذَا وأشباهه؛ فيخطئ حظك, ويسيء اختبارك, ويضيع يومكً؛ وَهَذَا فعال الحمقى القليلي الحزم. وإذا دعاك صديق لَك فاستخر اللَّه, وكن من السبق وأول من يوافي؛ وأقبل وصيتي, فإنك ترشد وتبين الصلاح إِن شاء اللَّه. اعلم أَنَّهُ لَيْسَ يجيء فِي أول الأوقات إلا جلة النَّاس وسراتهم: كاتب, وبزاز, وعطار, وسراج, وأنماطي, ونحوهم؛ فقعودك مَعَ مثل هَؤُلاءِ فائدة, وأنت معهم آمن مطمئن مسرور, تسمع كُل حَدِيث حسن وخبر ظريف, وأنت ريح البدن, واسع الموضع, طيب المكان, قاعد مَعَ هَؤُلاءِ عَلَى أول مائدة؛ الزم هذه الطبقة لا يزايل سوادك بياضهم فتهلك, وأنت إن لن تربح لم تخسر؛ وقعودك عَلَى أول مائدة فِيهِ خصال كثيرة محمودة؛ أعلم يا مغفل أنك تأكل رؤوس القدور وكل شَيْء كثير, والقدور ملأى, والماء بارد, والخباز نشيط, ورب المنزل فرح مسرور, وكل شَيْء من أمرك مستور, موضعك واسع, وأنت مَعَ قوم كأنهم الدنانير