شك في ظهور المصلحة فلا يتكلم "شرح النووي على صحيح مسلم".
ويربي الإسلام المؤمن في هذه المرحلة تربية يحثه فيها دائمًا إلى النظر في عاقبة الأمر لأولاده من بعده، ليتركهم أغنياء، خير لهم من أن يتركهم عالة يتكففون الناس، فيمنعه الإسلام من الوصية لوارث، حتى يتساوى جميع الأولاد والورثة في التركة كما أمر الله عز وجل، وإذا أوصى تكون الوصية بمقدار الثلث أو أقل، وهذا أفضل وأولى، وهو الذي فعله السلف الصالح، لأن أقرباءه أولى بالغنى من غيرهم، وخاصة إذا كانوا فقراء، لحديث سعد -رضي الله عنه: "الثلث والثلث كثير".
وتقييد الوصية بهذا القدر، يظهر حكمة التشريع الإسلامي، وهي تفتيت الثروة على الورثة، حتى لا تتضخم عند شخص دون آخر، ثم حذر المسلم من التعدي على هذه الحقوق، وتلك الحدود والفروض، التي شرعها الله -عز وجل- في الميراث بنظام فريد، كما رغب في تنفيذها، قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 13-14] .
وهكذا كان منهج الشريعة الإسلامية في توجيه وتربية الكبار في مرحلتي الكهولة والشيخوخة، وأساس هذا المنهج الإسلامي في التربية والتعليم والتوجيه والإصلاح يرجع إلى تنمية غريزة الرقابة الداخلية في النفس، وإحياء الضمير، ليكون حارسًا على النفس من التردِّي في الهلاك، لتحقيق سعادته في الدنيا والآخرة.