من الإعجاز في التصوير القرآني لرمضان شهر الصيام أنه تميز عن غيره بأنه شهر غلبت عليه العبادة والبعد عن الملذات، والزهد في
الشهوات المختلفة المحرم منها والمباح.
لذلك كان أفضل الشهور عند الله والناس فهو شهر عظيم مبارك، من صام وقام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، لهذا كله جاء التصوير القرآني لما يباح للرجل من زوجته في ليلة الصيام من الرفث في قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187] ، والرفث لفظ قبيح، معناه في اللغة الفحش، وما يقع من الزوجين مما هو مذموم في غير هذا المقام، قال الأزهري والزجاج: "الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من امرأته"، يقول الشاعر:
وبهن عنرفث الرجال نفر
ويتضح ذلك أكثر في قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] ، وفي الحديث الشريف: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه.
وعلى ذلك فالرفث هو الفحش من القول والفعل، ويظهر الإعجاز في التصوير القرآني للرفث مع الصيام، مع أن القرآن في إعجازه أيضًا استغنى عنها في مواطن أخرى كثيرة تحفظًا في التعبير بالقبيح، وتصونًا من الفحش، قال تعالى: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] ، {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 223] ، {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187] ، {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] ،