ومن أخلاق الصيام: أنه يرتفع بصاحبه عن الحيوانية إلى شرف الإنسانية لتحقيقها بالصيام نفسًا وروحًا، لا جسدًا ومادة وشهوة، بل يسمو إلى مصافّ الملائكة الذين يعبدون الله بالليل والنهار لا يفترون، فالصيام يهذِّب النفس ويصفي الروح ويطهر القلب فتنأى عن الشهوات والملذات، وتتعفف عما يهبطهما إلى نهم الحيوان وغفلته، فلا يضخع لمطالب الجسد وحكم الغريزة الحيوانية، وتتغلب روحه على جسده، ليكون هو الإنسان الكامل المتدبر في ملكوت الله، والمفكر في مخلوقاته، ويتحرَّر من سلطان هواه وغرائزه الحيوانية.
وفي النهاية فأخلاقيات الصيام كثيرة لا ستع لها المقام في هذا الموضوع، مثل: التواضع، والتراحم، والترابط، والجد، والحزم، والإيثار، والخوف، والرجاء، وغيرها وغيرها.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصيام: "شهر أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار" رواه ابن خزيمة والبيهقي من حديث سلمان -رضي الله عنه، فكان الصائم مستجاب الدعوات لما ذكره الله تعالى مع آيات الصيام وهو قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} .
اللهم استجب دعاءنا -وتقبل صلاتنا وقيامنا وصيامنا واختم بالصالحات أعمالنا- اللهم إنك عفوٌّ كريم تحب العفو فاعفُ عنا.