وغيَّر حياتهم وعقيدتهم، فقد أسلم عمر بن الخطاب وهو من أشدهم عنادًا وحربًا على الإسلام، كما في قصته المعروفة مع أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد، بعد أن سمع خبابًا -رضي الله عنه- يتلو عليهما القرآن من سورة طه؛ فاقشعرَّ جسده، واطمأن قلبه بذكر الله، فأعلن إسلامه بعد أن قال: "ما أحسن هذا الكلام وأكرمه"، وهذا أبلغ الكفار المعاندين الوليد ابن المغيرة، أرسله قومه ليتحدَّى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بلاغة أقواله؛ فيعود إليهم مدحورًا بعد أن سمع القرآن الكريم يقول لهم: "فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي نقول شيئًا من هذا"، وفي رواية: "والله لقد سمعت من محمد آنفًا كلامًا ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق، وإن أعلاه لمثمر، وإنه يعلو ولا يعلى...... ما يقول هذا بشر"1.
ومثل هذا قول عتبة بن ربيعة حين سمع القرآن الكريم: يا قوم لقد علمتم أني لم أترك شيئًا إلا وقد علمته وقرأته وقلته، والله لقد سمعت قولًا، والله ما سمعت مثله قط، ما هو بالشعر ولا بالسحر ولابالكهانة"2.
وبعد عنادهم وإخراجهم المسلمين من مكة وعدوانهم عليهم، ندموا على ذلك، وآمنوا به وصدقوه، وأصبحوا جند الله تعالى في الأرض شرقًا وغربًا، يدافعون عنه ويقاتلون في سبيله؛ لأنه كتاب الله المقدس، ومعجزته الخالدة.