حال, وإذا لم يكن هناك نص يجيز إسقاط العقوبة ولم يكن لولي الأمر إسقاطها فقد امتنع القول بالتقادم.
أما العقوبات التعزيرية فتطبيق القواعد العامة عليها يقتضي القول بجواز سقوط العقوبة بالتقادم إذا رأى ولي الأمر ذلك تحقيقاً لمصلحة عامة؛ لأن لولي الأمر حق العفو عن الجريمة وحق العفو عن العقوبة في جرائم التعازير, وإذا كان لولي الأمر أن يعفو عن العقوبة فيسقطها فوراً فإن له أن يعلق سقوطها على مضي مدة معينة إن رأى أن في ذلك ما يحقق مصلحة عامة أو يدفع مضرة.
النظرية الثانية: وقوامها مذهب أبي حنيفة, وأصحابها يتفقون مع أصحاب النظرية الأولى في القول بالتقادم في العقوبات التعزيرية وفي امتناع التقادم في العقوبات المقررة لجرائم القصاص والدية وفي جريمة القذف دون غيرها من جرائم الحدود, أما بقية جرائم الحدود فيرون أن عقوباتها تسقط بالتقادم. وأبو حنيفة وأصحابه على هذا الرأي عدا زفر فإنه لا يرى سقوط عقوبة الحد بالتقادم.
على أن القائلين بسقوط عقوبة الحد بالتقادم من الحنفية يفرقون بين ما إذا كان دليل الجريمة شهادة الشهود أو الإقرار, فإن كان الدليل شهادة الشهود سقطت العقوبة بالتقادم, وإن كان الدليل الإقرار لم تسقط العقوبة بالتقادم (?) .
والأصل في هذه التفرقة أن الحنفيين يشترطون لقبول الشهادة في جرائم الحدود أن لا تكون الجريمة قد تقادمت, ولا يستثنون من ذلك إلا جريمة القذف؛ لأن شكوى المجني عليه شرط لتحرك الدعوى العمومية فلا يستطيع الشاهد أن يشهد قبل الشكوى, أما ما عدا القذف من الجرائم فلكل إنسان أن يتقدم بالتبليغ عنها ولا يتوقف تحريك الدعوى العمومية فيها على تبليغ المجني عليه.
ويستند الحنفية في قولهم بتقادم الجريمة إلى أن الشاهد مخير إذا شهد الجريمة