ويرى مالك والشافعي ورأيهما وجه في مذهب أحمد أن المجني عليه ليس له أن يستوفي عقوبة القصاص فيما دون النفس بأي حال سواء كان يحسن القصاص أو لا يحسنه؛ لأنه لا يؤمن مع قصد التشفي أن يحيف على المجني عليه أو يجني عليه بما لا يمكن تلافيه، وإنما يتولى القصاص فيما دون النفس من يحسنه من الخبراء، وعلى هذا يصح أن يكون المستوفي موظفاً لهذا الغرض (?) .
516 - كيفية استيفاء القصاص في النفس: لا يُستوفى القصاص في النفس إلا بالسيف عند أبي حنيفة ورواية عن أحمد، سواء كان الجاني قتل بسيف أم بغير سيف، وسواء كان القتل نتيجة لحز الرقبة أم لسراية جرح أو نتيجة الخنق أو التغريق أو التحريق أو غير ذلك، وحجة القائلين بهذا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا قَوَدَ إلا بالسيف"، والقود هو القصاص، فمعنى الحديث منع استيفاء القصاص بغير السيف.
وإذا كان الموت نتيجة قطع اتصلت به السراية فالقود بالسيف؛ لأنه تبين أن فعل الجاني وقع قتلاً من وقت وجوده فلا يقتص منه إلا بالقتل؛ لأنه لو قطع عضواً من الجاني ليحقق التماثل ثم عاد فحز الرقبة إذا لم يمت من القطع كان ذلك جمعاً بين القطع والحز، ولم يكن مجازاة بالمثل، ولا يعتبر حز الرقبة متمماً للقطع؛ لأن المتمم للشيء يكون من توابعه والحز قتل وهو أقوى من القطع فليس من توابعه. كذلك فإن القصاص في النفس مقصود منه إتلاف النفس فإذا أمكن هذا بضرب العنق فلا يجوز إتلاف أطرافه؛ لأن إتلافها يعتبر تعذيباً وليس استيفاء.
وإذا أراد الولي أن يقتل بغير السيف لا يُمكَّن من ذلك، وإذا فعله عزر