أما إذا كانت الجرائم المتعددة من أنواع مختلفة ولم يجمع بين عقوباتها غرض واحد كأن ارتكاب الجاني سرقة في المرة الأولى ثم زنا في الثانية وقذف في الثالثة, فإن العقوبات لا تتداخل في هذه الحالة وإنما تتعدد بتعدد الجرائم المختلفة.

نظرية الجب: معنى الجب في الشريعة هو الاكتفاء بتنفيذ العقوبة التي يمتنع من تنفيذها تنفيذ العقوبات الأخرى, ولا ينطبق هذا المعنى إلا على عقوبة القتل, فإن تنفيذها يمنع بالضرورة من تنفيذ غيرها, ومن ثم فهي العقوبة الوحيدة التي تجب ما عداها.

ولم يتفق الفقهاء على تقرير نظرية الجب, فمالك وأبو حنيفة وأحمد يقررونها ولكن الشافعي ينكرها, والذين اعترفوا بها يختلفون في مدى تطبيقها.

فمالك يرى أن كل حد اجتمع مع القتل لله قصاص لأحد من الناس فإنه لا يقام مع القتل, والقتل يجب جميع ذلك إلا الفرية (أي القذف) فإن حد الفرية يقام عليه ثم يقتل, ولا يقام عليه مع القتل غير حد الفرية وحداها لئلا يقال لصاحبه: ما لك لم يضرب لك فلان حد الفرية؟ (?) .

ويرى أحمد أنه إذا اجتمعت حدود الله تعالى وفيها قتل, مثل أن سرق وزنا وهو محصن, وشرب وقتل في المحاربة, استوفى القتل وسقط سائرها. فإذا اجتمعت الحدود حقوق الآدميين وفيها قتل استوفى حق الآدمي ودخلت حدود الله في القتل سواء كان القتل حداً أو قصاصاً, فمن قطع إصبع شخص وقذفه ثم شرب وسرق وزنا وقتل آخر فإن إصبعه تقطع قصاصاً ثم يحد للقذف ثم يقتل ويسقط ما عدا ذلك (?) .

والأصل عند أبي حنيفة أنه إذا اجتمعت الحدود أن يقدم حق العبد في الاستيفاء على حق الله عز وجل - أي على حق الجماعة - لحاجة العبد إلى الانتفاع بحقه, فإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015