أن يدخل الجاني السجن بريئاً من الإجرام أو مبتدئاً فيه فيخرج من السجن مملوئاً بالإجرام متفقهاً في أساليبه.

فالسجن الذي يقال عنه أنه إصلاح وتهذيب ليس كذلك في الواقع, وإنما هو معهد للإفساد وتلقين أساليب الإجرام.

وقد شعرت الحكومة بوطأة هذه الحالة فهي تحاول أن تصلح من هذا العيب. ولكن أساس الإصلاح يدل على أنه لن يكون ناجعاً, إذ أنها تريد أن تقسم السجون على أساس نوع العقوبة وأسنان المحكوم عليهم, وهذا التقسيم سيبقي الحالة على ما هي عليه؛ لأنه يجمع بين ذوي العقوبة الواحدة في محبس واحد, وبعضهم قد يكون مبتدئاً لا يعلم كثيراً عن الإجرام والبعض من عتاة المجرمين, واختلاط هؤلاء من نفس العيب الذي يراد علاجه, أما جمع الشبان في محبس واحد والكهول في محبس واحد فلن يكون علاجاً؛ لأن الإحصائيات تدل على أن أكثر المجرمين من الشبان, ففي سنة 1938 - 1939 كان عدد المسجونين الشبان 5277 أي نسبة 62} من مجموع من دخلوا السجن, ومن هؤلاء 1505 شخصاً يتراوح سنهم بين 16, 20 سنة والباقون يتراوح عمرهم بين 22 - 30 سنة, فعدد المجرمين من الشبان أكثر من عددهم من بين الرجال والمسنين, ووجود الشبان المحكوم عليهم لأول مرة مع شبان من وي السوابق كفيل بأن يخلق الأولين بأخلاق الآخرين.

3 - انعدام قوة الردع: إن عقوبة الحبس قد فرضت على أساس أنها عقوبة رادعة, ولكن الواقع قد أثبت أنها لا فائدة منها ولا أثر لها في نفوس المجرمين, فالذين يعاقبون بالأشغال الشاقة - وهي أقصى أنواع الحبس - لا يكادون يخرجون من السجن حتى يعودوا لارتكاب الجرائم, ولو كانت العقوبة رادعة لما عادوا لما عوقبوا عليه بهذه السرعة.

وتدل الإحصائية رقم 44 من تقرير مصلحة السجون عن سنة 1938 - 1939 على أن 45} من المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة عادوا إلى ارتكاب الجرائم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015