أمر ونهى وقال، لا أن ذلك شيء لم يقم به بل خلقه في غيره، ثم لو كان مقصودهم ذلك فمعلوم أن هذا ليس هو المعروف من الخطاب ولا المفهوم منه، لا عند الخاصة ولا عند العامة، بل المعروف المعلوم أن يكون الكلام قائمًا بالمتكلم، فلو أرادوا بكلامه وقوله أنه خلق في بعض المخلوقات كلامًا لكانوا قد أضلوا الخلق -على زعم الجهمية- ولبسوا عليهم غاية التلبيس، وأرادوا باللفظ ما لم يدلوا الخلق عليه، والله تعالى قد أخبر أن الرسل قد بلغت البلاغ المبين، فمن نسبهم إلى هذا فقد كفر بالله ورسله، وهذا قول الزنادقة المنافقين الذي هم أصل الجهمية الذي يصفون الرسل بذلك من المتفلسفة والقرامطة ونحوهم، بل كون المتكلم الآمر الناهي لا يوصف بذلك إلا لقيام الكلام بغيره مع امتناع قيامه به، أمر لا يعرف في اللغة، لا حقيقة ولا مجازًا" (?).
وصف الشيخ -رحمه الله- هذه المسألة بأنها مسألة هامة، وأنها مما حيرت عقول الأنام لكثرة اختلاف الناس فيها.
فقال -رحمه الله-: "إن الناس كثير نزاعهم فيها، حتى قيل: مسألة الكلام حيرت عقول الأنام" (?).
وقال: "ومسألة القرآن كثير فيها اضطراب الناس، حتى قال بعضهم: مسألة الكلام حيرت عقول الأنام" (?).
وقال: ". . . وإنما المقصود هنا ذكر قول مختصر جامع بين الأقوال السديدة التي دل عليها الكتاب والسنة، وكان عليها سلف الأمة في مسألة الكلام، التي حيرت عقول الأنام" (?).