هذا الدرك هل يكون سامعًا مبصرًا لما لم يكن قبل ذلك سامعا [له] (?) مبصرًا أم لا يكون؟ فإن لم يكن [كذلك لزم نفي أن يسمع ويبصر، وإن كان سمع ورأى ما لم يكن] (?) سمعه ورآه.
فمن المعلوم بالاضطرار أن هذا أمر وجودي قائم بذات السامع الرائي وأنه ليس أمرًا عدميًّا، ولا واسطة بين الوجود والعدم، ولو كان عدميًّا لكان سلبه وجوديًّا إذا قيل: لم يسمع ولم يبصر، وإن كان سلبه وجوديًّا لا متنع (?) وصف المعدوم به، فإن المعدوم لا يوصف بوجود، ومذهب هؤلاء إنما تشكل على الناس لاشتراك اللفظ، فإن السمع والبصر يطلق بمعنى ما به يسمع ويبصر، وليس الله عندهم سميعًا بصيرًا بهذا الاعتبار، وإن كان أهل الإثبات يقولون بذلك، وإنما هو عندهم مجرد الإدراك فقط فكيف يقال: كان ثابتًا في العدم غير متعلق، وأنه لا يتعلق إلا بالموجود وأن تعلقه بالموجود عدم محض؟ هذه أقوال معلومة (?) الفساد بالضرورة، وقد بسطنا الكلام في مسألة الأفعال الاختيارية بسطًا عظيمًا في غير هذا الموضع (?).