علمه بعمله، وذلك لأن وجود العلم مستلزم لوجود هذا العمل الَّذي في القلب، الَّذي هو إسلام القلب بمحبته وخشوعه، فإذا عدم مقتضى العلم فإنه قد يزول العلم (?) من القلب بالكلية، ويطبع على القلب حتَّى يصير منكرًا لما عرفه، جاهلًا بما كان يعلمه، وهذا العلم وهذا العمل (?) كلاهما يكون من معاني الألفاظ.
فلفظ الشهادة والإقرار والإيمان والتصديق ينتظم (?) هذا (?) كله، لكن لفظ الخبر والنبأ ونحو ذلك هو العلم، وإن استلزم هذا الأعمال فهو كما يستلزم العلم لذلك، فإذا قال أحد هؤلاء العالمين الجاحدين الذين ليسوا بمؤمنين: محمد (?) رسول الله، كقول (?) أولئك اليهود وغيرهم، فهذا خبر محض مطابق لعلمهم الَّذي قال الله فيه: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (?) لكن كما لا ينفعهم مجرد العلم لا ينفعهم مجرد الخبر، بل لا بد أن يقترن بالعلم في الباطن مقتضاه من العمل الَّذي هو المحبة والتعظيم والانقياد ونحو ذلك، كما أنَّه لا بد أن يقترن بالخبر الظاهر مقتضاه من الاستسلام والانقياد وأصل الطاعة (?)، فهؤلاء الذين يعلمون الحق الَّذي بعث الله به رسوله - ولا يؤمنون به ويقرون به، يوصفون بأنهم كفار وبأنهم جاحدون، ويوصفون بأنهم مكذبون بألسنتهم، وأنهم يقولون بألسنتهم