جاز أن يكون الآمر والمخبر لم يقم به خبر ولا أمر، لم يمكنه ثبوت هذه المعاني قائمة بذات الله، بل يقال له: هب أن لها معاني وراء الألفاظ ووراء هذه، لكن لم قلت: إن الآمر الناهي هو من قام به تلك المعاني، دون أن يكون من فعل تلك المعاني؟
الوجه السابع:
أنَّه عدل عن الطريقة المشهورة لأصحابه في هذا الأصل، فإنهم يثبتون أن المتكلم من قام به الكلام، وأن معنى الكلام هو الطّلب والزجر والحكم -كما ذكره - (?) ثم يقولون: ولا يجوز أن يكون ذلك حادثًا في غيره لا في ذاته، لأنَّ ذاته لا تكون محلًا للحوادث [وبذلك أثبتوا قدم الكلام، فقالوا: لو كان محدثًا لكان إما أن يحدثه في نفسه فيكون محلًا للحوادث] (?) وهو محال (?) أو غيره فيكون كلامًا لذلك المحل، أو [لا (?)] محل فيلزم قيام الصفة بنفسها وهو محال، وإنَّما عدل عنها لأنه قد بين أنَّه لم يقم دليل على أن قيام الحوادث به محال، بل ذلك لازم لجميع الطوائف، ومن المعلوم أنَّه إذا جوز قيام الحوادث به، بطل قول أصحابه في هذه المسألة، وامتنع أن يقال: هو قديم، لأنَّه إذا ثبت أن المتكلم هو من قام به الكلام، أو ثبت (?) أن الله آمر ناه مخبر بمعنى يقوم به لا بغيره، فإذا جاز أن يكون حادثًا ويكون صفة لله، كما يقوله من يقول: إن الله يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء كما يقوله جماهير أهل