الوجه الخامس:
وذلك أن كون المتكلم هو الذي يقوم به الكلام أو لا يقوم به الكلام، وكون الحي يكون متكلمًا بكلام يقوم بغيره، هو مثل كونه حيًّا عالمًا وقادرًا وسميعًا وبصيرًا ومريدًا بصفات تقوم بغيره، وكون الحي العليم القدير لا تقوم به حياة ولا علم ولا قدرة، وهذه كلها بحوث معقولة معنوية لا تختص بلغة دون لغة، بل تشترك فيها الأمم كلها (?)، وهي -أيضًا- داخلة فيما أخبرت به الرسل عن الله، فإن ثبوت حكم الصفة للمحل (?) الذي تقوم به الصفة أو لغيره، أمر معقول يعلم بالعقل، فعلم أنَّه مقام عقلي، وهو مقام سمعي، ولهذا يبحث معهم في سائر الصفات كالعلم والقدرة بأنَّ الحي لا يكون عليمًا قديرًا إلَّا بما يقوم به من الحياة والعلم.
الوجه السادس:
أنَّه لولا ثبوت هذا المقام لما أمكنه أن يثبت (?) قيام معنى الأمر والنهي والخبر، لأنَّه قرر بالإجماع أن الله آمر وناه ومخبر، وأن ذلك ليس هو اللفظ، بل هو معنى هو الطّلب والزجر والحكم، وهذه المعاني سواء كانت هي الإرادة والعلم أو غير ذلك.
يقال له: لا نسلم أنها قائمة بذات الله إن لم يثبت أن الأمر الناهي المخبر هو من قام به معنى الأمر والنهي والخبر، بل يمكن أن يقال فيها ما يقوله المعتزلة في الإرادة والعلم، إما أن يقولوا: يقوم بغير محل، أو يقولوا: كونه آمرًا ومخبرًا مثل كونه عالمًا، وذلك حال أو صفة، فإنَّه إذا