وفي تصرفه، فما دام مصحفه الذي معه موافقًا للحق فلا يحق لأحد أن يأمره بحرقه، لما في ذلك الحرق من إتلافٍ لماله، لكن لمّا كان جمع الناس على مصحف واحدٍ محقِّقًا لتلك الشروط جاز أن يلزم الناس به وإن اقتضى التعدي على ذلك الأصل الثابت وهو أن الإنسان لا يتصرف في ملكه إلا برضاه.
وأيضًا: عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما دوَّن الدواوين، وألزم الجند بتسجيل أسمائهم في تلك الدواوين (?): فيه تعد على أصل ثابت، وهو أن الإنسان لا يجب عليه من الأعمال إلا ما أوجبه الله تعالى عليه، ففي القول بتلك المصلحة تعدٍّ على ذلك الأصل، ولكن لما كانت المصلحة مستوفية للشروط السابقة جاز العمل بها.
إذا قال قائل: ما وجه اشتراط هذه الشروط، والصحابة رضوان الله عليهم لم يشترطوها، بل كانوا يعملون بالمصالح في بناء الأحكام عليها