فالترك الذي لا يحصل سببه في حق الأمة يشمل: ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لكونه من خصائصه، وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - خشية أن يفرض العمل، وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لبيان التشريع، وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمراجعة الصحابة له، وما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمجرد الطبع.
أما الترك الذي يحصل سببه في حق أمته - صلى الله عليه وسلم - فيشمل الترك للإنكار، وترك المستحب لبيان الجواز، وترك الواجب دفعًا للمفسدة، والترك بسبب النسيان أو المرض.
أما النوع الأول فلا يمكن حصول التأسي فيه؛ لأن الموافقة في صورة الفعل تقتضي أن يكون الترك لنفس السبب الذي اقتضى الترك في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا زال هذا السبب في حق الأمة فلا سبيل إذن إلى حصول التأسي فيه.
وهذا الترك الذي زال سببه إما أن يكون من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو ليس من خصائصه لكن يمتنع تحقق السبب بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -.
فأما الترك الذي هو من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا سبيل إلى حصول التأسي فيه بوجه من الوجوه، إذ إن الخصوصية تنفي التأسي، والعكس بالعكس، فهما لا يتواردان على محل واحد.
والقول بأن الترك الذي هو من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يحصل فيه تأسٍّ