أيضًا، مما يُثير الجدّة في الدراسة: تعلُّقها بالقصد، وهذا التعلق يجعلُ الاجتهاد قائمًا والنظر مُعتبرًا، وهذا ما اجتهد الباحث - جزاه الله خيرًا - في سبره وخوض غماره، في محاولة حثيثة - أراها حسنة - لضبط الألفاظ والمصطلحات المميزة للمجال، أيضًا محاولة ضبط تقسيماته وتفريعاته وتطبيقاته، وهذا كله مُشعرٌ بتمكن الباحث في هذا المجال.
ومما يُشيرُ إلي تمكن الباحث - في مجاله -: ترتيبه المنطقي لمادة كل باب، فهو يقسّمه إلى فصول ثم مباحث؛ وعندما يتناول قضية في مبحث فإنه يُعرّفها لغويًّا ثم أصوليًّا، ثم يسوق أدلة كل فريق - عند تعدد التعريفات - وربما رجّح ما يراه، وذلك مثل ترجيحه جواز بناء المآذن في المساجد وأنها ليست بدعة أو حرامًا، وذلك في معرض تطبيقات الترك العدمي، وهو - غالبًا - عندما يُرجّح يستخدم النظر والقواعد والضوابط، مثل ميله إلى أنه لا كفارة على المرأة التي جامعها زوجها في نهار رمضان وهي صائمة؛ ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكت عن حكم المرأة التي جامعها زوجها في رمضان، وجعل الكفارة على الرجل، والمقام مقام بيان مع الحاجة، ولو كان الحكم يختلف باختلاف الأحوال - في مقامنا - لاستفصل النبي صلى الله عليه وسلم منها، أو ربما رجّحَ ما يذهبُ إليه الجمهور، ثم يأتي بأقسام مسائل الموضوع بطريقة حسنة.
ومما يُميّز الباحث ودِراسَتَهُ: فهمه الحسن لموضوعه وحسن الربط بين أبعاضه وأجزائه، واعتماده على ما صحّ من الدليل، وما ضَعُفَ ذكره مع بيان ضعفه - لا سيّما إن كان مشهورًا - كخبر مُراجعة الحباب بن المنذر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - موضع بدر.