بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعد:
تعدُّ هذه الدراسة التي بين أيدينا من الدراسات البينيّة، هذه الدراسات التي تضربُ في أكثر من فن، وثمرتها تمُكن صاحبها من هذه الفنون التي ضرب فيها، وهذا بخلاف الدراسات الجزئية الضيّقة!!
أيضًا، مجال الدراسات الأصولية الفقهية مجال ثَرٌّ - وإن تعددت وكثرت فيه الدراسات -، فلا زال الدرس الأصولي الفقهي في حاجة إلى مزيد من الدراسة، ولا يزال كثير من مسائله وقضاياه في حاجة إلى مُناقشة وتحرير!!
ومن هذه القضايا تأتي "قضية التروك النبوية"، وهي شائكة، لم يُفرد لها المتقدّمون تصنيفًا، كما لم يُشمّروا عن سواعدهم في إجلائها شأنهم في كثير من قضايا المجال!! بل إن الدارس الأصولي الحديث لم يتوافر على دراسة هذه القضية وأزيد "الشريفة"، لتعلُّقها برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذي لا ينطق عن الهوى، والذي تتنوع تروكه ما بين الاعتيادي العرفي والوحي التشريعي، وكان هذا الملمح مُغريًا للدراسة للوقوف على الملامح المعيارية المشكلة كلا النوعين!!