بين الجحفة والأبواء إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

__________

= في عسب (?) أو لخاف (?) أو أكناف (?) وهو يرشدهم إلى موضع كل آية من السورة التي ينبغي أن تكون فيها، وفي صحيح البخاري: أن جبريل كان يعارض (?) النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن كل عام مرة، وأنه عارضه به مرتين في العام الذي توفي فيه، وفي الإتقان (?) للسيوطي: أن زيد بن ثابت أكبر كتاب الوحي. شهد العرضة الأخيرة التي بين فيها ما نسخ وما بقي، وكتبها للرسول صلى الله عليه وسلم وقرأها عليه، ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمع القرآن، وولاه عثمان كتابه المصاحف.

وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن كله مكتوب، وفي صدور الصحابة محفوظ، وإن لم يتفقوا في حفظه وترتيبه لأسباب شتى، ولما رأى عمر رضي الله عنه أن القتل قد استحرّ (?) بالحفاظ في وقعة اليمامة (?) حتى قتل منهم سبعمائة أشفق من ضياع القرآن. فذهب إلى أبي بكر وأخبره الخبر، وبعد أخذ ورد اتفقا على جمع القرآن وكتابته، وعهدا بذلك إلى زيد بن ثابت فجمعه من العسب واللخاف، والأكتاف والصدور، وكتبه صحفا، فكانت تلك الصحف عند أبي بكر حياته، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند أم المؤمنين حفصة بنت عمر.

وفي مدة عثمان كثرت الفتوح وانتشر القراء في الأمصار، وقرءوا القرآن بلغاتهم على تعددها، وأدى ذلك إلى تخطئة بعضهم بعضا فخشي عثمان تفاقهم (?) أمر فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوا تلك الصحف في مصحف واحد مرتب السور، واقتصر فيه من جميع اللغات على لغة قريش لنزوله بلغتهم. أهـ ص 100 من الوسيط في الأدب العربي، وتاريخه تأليف أستاذي الشيخ أحمد الأسكندري والشيخ مصطفى عناني.

وقد قال القرطبي في مقدمة تفسير القرآن: جعل الله أمثاله عبرا لمن تدبرها، وأوامره هدى لمن استبصرها، وشرح فيه واجبات الأحكام، وفرق فيه بين الحلال والحرام، وكرر فيه المواعظ والقصص للأفهام، وضرب فيه الأمثال، وقص فيه غيب الأخبار. فقال تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) خاطب به أولياءه ففهموا وبين لهم فيه مراده فعلموا. فقراء القرآن حملة سر الله المكنون، وحفظة علمه المخزون، خلفاء أنبيائه، وأمناؤه وهم أهله فيه مراده فعلموا. فقراء القرآن حملة سر الله المكنون، وحفظه علمه المخزون، خلفاء أنبيائه، وأمناؤه وهم أهله وخاصته، وخيرته وأصفياؤه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أهلين منا. قالوا يا رسول الله من هم؟ قال: هم أهل القرآن هم أهل الله وخاصته) أخرجه ابن ماجه في سننه، وأبو بكر البزار في مسنده. فما أحق من علم كتاب الله أن يزدجر بنواهيه، ويتذكر ما شرح له فيه، ويخشى الله ويتقيه ويراقبه ويستحييه. فإنه قد حمل أعباء الرسل، وصار شهيدا في القيامة على من خالف من أهل الملل. قال الله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) ألا وإن الحجة على من علمه فأغفله أوكد منها على من قصر عنه وجهله، ومن أوتي علم القرآن فلم ينتفع، وزجرته نواهيه فلم يرتدع، وارتكب من المآثم قبيحا، ومن الجرائم فضوحا كان القرآن حجة عليه وخصما لديه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (القرآن حجة لك أو عليك) أخرجه مسلم. فالواجب على من خصه الله بحفظ كتابه أن يتلوه حتق تلاوته، ويتدبر حقائق عبارته، ويتفهم عجائبه ويتبين غرائبه. قال الله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته) وقال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) جعلنا الله ممن يرعاه حق رعايته. =

طور بواسطة نورين ميديا © 2015