لم تكن للعرب قبل الإسلام - كما نعلم - دولة منظمة، بل كانت الحياة قبلية النظام، والتربية فيها فطرية تكتسب فيها العادات والقيم والمهارات عن طريق التقليد والمحاكاة وقيم القبيلة وأخلاقها؛ فالمثل العليا مأخوذة من مآثر القبيلة وأيامها ورجالها ومعتقداتها وقيمها المتوارثة وحروبها وبطولاتها، والمهارات لا تتعدى مهارات الحرب وطرق الدفاع والهجوم والصيد وصنع آلات الحرب وركوب الخيل، وغير ذلك من المهارات المعروفة لديهم.
ومن الأمم حولهم تعلموا بعض العلوم، وبفطرتهم نبغوا في الشعر والخطابة، ومن علومهم علم الفلك والطب والأنساب والعيافة والفراسة والزجر وغيرها.
أما وسائلهم ففي التقليد للآباء ورجال العشيرة، ثم المواعظ والإرشادات والحكم من الآباء والأمهات، كوصية أمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس، وأسماء بنت خارجة لابنتها، والأوس بن حارثة لابنه، وغير ذلك مما تحفل به كتب الأدب القديمة كالعقد الفريد والأمالي ومجمع الأمثال وغيرها، وكان الاهتمام بالناحيتين الأدبية والخلقية أكثر عند العرب إلى جانب النواحي الأخرى المتعلقة بالقيم السامية في الحياة كالشجاعة والكرم والشهامة والمروءة الخ.
ومن وسائلهم لنشر قيمهم وأفكارهم المؤتمرات الموسمية في أسواقهم المعروفة، كسوق عكاظ وذي المجاز ومجنة؛ حيث كانت تلك الأسواق الأدبية معاهد لتبادل الأفكار والأشعار، وتبادل الخبرات في عالم التجارة والاقتصاد ونشر المثل والقيم..