تعتبر التربية باستغلال الأحداث أحد الأساليب المجدية والفعالة للتربية، فالحياة تفاعل دائم مع الأحداث، وأحيانا ما يستغل حدث معين لإعطاء توجيه أو تغيير سلوك معين، وفي هذه الحالة يكون التوجيه والتغيير في السلوك أكثر عمقا وأطول أمدا في التأثير إذا ما أتيا في أعقاب هذا الحدث، لا سيما إذا كان حدثا مؤثرا يهز النفس هزًّا شديدًا، والمربي الناجح المستنير يستغل الأحداث؛ لتربية النفوس وتهذيبها, فتنطبع فيها ولا يكون أثرها موقوتا سريع الزوال.
وقد تقع الأحداث بسبب تصرفات الناس الخاصة أو لأسباب خارجة عن إرادتهم وعن تقديرهم، وقد تكون منظمة ومخططة مسبقا مسبقا ليمر بها الناس على اختلاف أعمارهم بقصد إثارة مشاعرهم وتحريك عواطفهم حتى يسهل تغيير سلوكهم في الاتجاه المرغوب وما زال الحدث قريبا وفعالا.
وقد وفق الإسلام في استغلال الأحداث في تربية الأمة الإسلامية، فكانت تلك الأمة الفريدة في التاريخ، التي شهد لها الله سبحانه وتعالى فقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} 1, ومن أجل هذا الهدف كانت التربية بالأحداث يوم "أحد" للذين فتنتهم غنائم المعركة فأغفلوا الهدف الأصيل. وقد كان الدرس قاسيا يوم حنين حين اغتر المسلمون بكثرتهم، فكان الدرس البليغ هو ردهم إلى الله يستمدون منه القوة, ويدركون أن قوة إيمان المسلمين بالله هي العامل الحاسم في المعركة، كما كانت التربية بالأحداث للذين تخلفوا عن القتال مع رسول الله في موقعة "تبوك"، قال الله عز وجل في يوم "أحد": {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} 2.