توجيهه إلى الخير وإلى الشر، كما أودع سبحانه فيه كل وسائل التمييز والتدبر ووهبه قوى واعية مدركة وموجهة, وهي التي يناط بها التبعة، وبالتالي فإن تبعة أعمال الإنسان ومسئولياته تقع عليه وحده, كذلك فقد خلق الله الإنسان بقدرة واعية كامنة فيه، قادرة على الاختيار الحر, فحرية الاختيار الممنوحة من الله في إطار مشيئته تجعل الإنسان مسئولا عن نتيجة أعماله.
ويولي المنهج القرآني اهتماما كبيرا بالنفس البشرية حيث يقول المولى جل شأنه: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} 1, {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} 2.
وقد اهتم الحديث الشريف أيضا بالنفس البشرية، ويتضح ذلك في كثير من المواقف الإصلاحية والتربوية للرسول الكريم في معالجة الطبائع البشرية، وعلى سبيل المثال نذكر هذا الحديث الذي رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه: جاء ثلاثة رهط إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" 3.
ويحتفل المنهج الإسلامي باستعدادات المتعلمين, ويراعي الفروق الفردية بينهم حتى لا يرهق المتعلم بأشياء يصعب عليه فهمها وأداؤها؛ لأنها فوق إدراكه ولا تتفق مع استعداده، والرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا على أن نكلم الناس على قدر عقولهم, وتتجلى مراعاة المنهج الإسلامي للفروق الفردية