قرون. وكانت أحوال التعليم بالطلب انعكاسا لهذا التأخر. فقد كانت متأخرة أيضا بنفس الدرجة كما سيتضح فيما بعد.
وأصيب الإسلام وهو روح الأمة الإسلامية بالجمود والركود وتحولت إيجابياته إلى سلبيات، وأصبح شعارا أكثر من عمل. وتوقفت اللغة العربية عن النمو ونافستها التركية فغلبت عليها العجمي. ولم يعد القرآن دستور المسلمين الحيوي بقدر ما كان كتابا يقرأ على القبور ويكتب بماء الذهب بحروف جميلة على ورق مصقول وهو ما اشتهر به الأتراك. ونضب معين الفكر لم يعد مجاله إلا المجادلات الكلامية حول المسائل الشكلية والموضوعات الفقهية الفرعية.
ويمكن أن توصف الفترة خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والسنوات الأولى من القرن العشرين حتى نهاية الحرب العالمية الأولى بأنها كانت فترة من عدم الرضا عن واقع العالم الإسلامي وما آل إليه الحال من الانحطاط. وفي هذه الفترة تعالت الدعوات بأنه لا صلاح لحال المسلمين إلا بتجديد الإسلام وإصلاح العقيدة والعودة إلى منابع الإسلام وأصوله، وظهرت في العالم الإسلامي روح الجهاد الوطني الديني التي قادها العلماء المسلمون الوطنيون من أمثال محمد بن عبد الوهاب الذي أول صيحة لليقظة الإسلامية في العصر الحديث وكان طليعة الحركة السلفية التي كان لها دور في التجديد الإسلامي.
كما كانت الحملة الفرنسية على مصر سنة 1798 بمثابة ناقوس الخطر الذي نبه العالم الإسلامي وفتح عينه على الفجوة الحضارية الخطيرة بين الشرق والغرب. كما أنها أيضا كانت نذيرا بما يتوعد العالم العربي الإسلامي في مستقبله من وقوعه تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي والإنجليزي وفرض التجزئة عليه. ولم تكن الحملة الفرنسية أول من أيقظ العالم العربي فقبل الحملة بعشرين عاما تقريبا علا صوت محمد بن عبد الوهاب في الحجاز. وكان كما أشرنا أول صوت ينادي بتجدد الإسلام وتصحيح العقيدة، ويؤكد أنه لا مخرج للمسلمين مما هم فيه من تخلف إلا بالعودة إلى أصول دينهم الحنيف.
وبصرف النظر عما يقال من تقليل دور الحملة الفرنسية في التجديد الثقافي في مصر والشام في العصور الحديثة فلا شك أنها كانت دافعا قويا لهذا